السوق الأوربية والرشد
من Jawdat Said
أريد أن أبحث مثال السّوق الأوربية المشتركة:
ما علاقة السوق الأوربية بالتصوف والكبر والبغي والخشوع والإخبات وقبول كلمة السواء؟؟
إن سبيل الرشد سبيل لحلِّ المشكلات من غير أن يخسر أحد شيئاً، لا ملكاً ولا مكانة..
دعني أسوق لك حديثاً من أحاديث الرسول، لتأخذ منه حصّة وحكمة وإرشاداً إلى مشكلة المشكلات، للوقوف عندها وحلها، قال (ص): « ما ذئبان جائعان أرسلا على غنم في حظيرة بأفسد لها من حب المرء لدينه؛ المال والشرف ».
المال والشرف، ما هما؟ وما شأنهما؟ هل هما شران محضان؟ أم أنهما قابلان لأن يكونا نعمتين: « نِعْمَ المال الصالح للمرء الصالح ». ونعم الشرف حين يكون حافزاً لحب معالي الأُمور والابتعاد عن سفاسفها، وقابلان لأن يكونا نقمتين: فبئس المال الذي يأتي عن طريق السرقة والاغتصاب والانتهاب الذي يوغر الصدور ويثقلها بالغل والحقد، وبئس الشرف الذي يفرض بالكراهية والإكراه، بالقتل والتعذيب.
نِعمَ المال الذي يأتي إلى الناس بالرشد والرشاد الذي هو قوام الأمة، نِعمَ المال الذي لا يوضع في أيدي السفهاء والمبذرين الذين ينفقونه في أهوائهم: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا) النساء: 4/5.
إن المال هو الذي يقيم الأمة، والمال ليس سوى ساعات من الجهد الذي بذله كل الناس، بتعاون ودون مخاتلة وغي وانتهاب.
نِعْمَ الشرف شرف التنافس في الخدمة العامة، إن الشرف والإمامة في الناس لا تكون بقهرهم، بل بامتلاكٍ قلوبهم حباً ورضاً وإيثاراً.
ما اشد خطأنا إذ نحب الغنى والشرف حباً غبياً، بغياً وإكراهاً واغتصاباً وانتهاباً، ومع ذلك نستطيع أن نبدأ بالتغيير، من غير أن نأخذ من صاحب مالٍ ماله، والأنبياء جميعاً - لم يتخلف منهم أحد من نوح إلى محمد - كانوا يقولون بلسان واحد: (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ)؛ (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ: أَلا تَتَّقُونَ؟ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِي، وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ، إِنْ أَجْرِي إِلاّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) الشعراء: 26/105-109.
فإن كنت في ريب من هذا، وكنت تظن أن الأنبياء إنما جاؤوا ليأخذوا من الناس أموالهم، فأعد قراءة (سورة الشعراء) مرّة أخرى، هناك ينقل الله تعالى عن الأنبياء كافة قول كلٍ لقومه: (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ)، (أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) الطور: 52/40.
يا أيها الناس! لا نريد أن نأخذ منكم أموالكم، إننا لا نأخذ عليكم في أمر المال، ما نريده شيء آخر غير المال، ينبغي ألا يتشوه الأمر، نحن نريد أن تزيد أموالكم حتى تصيروا ترفضونها، ولا تريدون عليها مزيداً، ستصلون إلى درجة الإشباع من هذا المتاع.