هل لدى المسلم مسوغ الحياة والموت

من Jawdat Said

مراجعة ٢٢:١٢، ٢٧ يوليو ٢٠٠٧ بواسطة Admin (نقاش | مساهمات)

(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح, ابحث
كتب جودت سعيد

مذهب ابن آدم الأول


Mazhabibnadam.jpg
تحميل الكتاب
مقدمات للكتاب
مقدمة مذهب ابن آدم الطبعة الأولى
مقدمة مذهب ابن آدم الطبعة الثانية
مقدمة مذهب ابن آدم الطبعة الثالثة
مقدمة مذهب ابن آدم الطبعة الخامسة
مقدمة مذهب ابن آدم الطبعة الرابعة
عناوين
نصوص في مذهب ابن آدم
ملاحظات
نماذج من عمل الأنبياء
عمل القاضي غير عمل الداعي
البلاغ المبين
موقف المسلم من الكفر البواح
تهمة الإرهاب
شبهات حول مذهب ابن آدم
مزايا مذهب ابن آدم
مفاهيم في العمل الإسلامي
خاتمة


ملاحظات حول مذهب ابن آدم الأول


5- هل لدى المسلم مسوَّغ الحياة والموت؟

ليست هناك حياة إن لم يكن للإنسان ما هو أعز من الحياة، أي ينبغي أن يكون للإنسان شيء عزيز عليه، لا يبالي بما يصيبه من أجله، فيما إذا تعرض هذا العزيز للهوان والضياع.

فما الشيء الذي إذا تعرض للخطر لا يبالي المسلم أن يفقد الحياة قبل أن يفقده، بحيث تعود الحياة بعده لا قيمة لها؟

هل يمكن أن يجد المسلم هذا الشيء واضحاً بيَّناً جلياً؟‍ بحيث يكون لائقاً لتعرضه للأذى، وبحيث يجد الطمأنينة والراحة فيما يصيبه في سبيله !!

هل عند المسلم هذا الشيء؟ وهل هو يمكن العثور عليه؟ فإن كان ذلك ممكناً ينبغي أن لا يتوانى المسلم في طلابه.

فما هذا الذي يُهون على المسلم ما يخشاه الناس؛ من السجن والعذاب والنفي والقتل؟ ينبغي أن نستعرض ذلك:

ما هذا الذي يريح ضميره ويسعد لُبَّّهُ إذا ابتُلي من أجله؟

هل يسره أن يُسجن أو أن يُعذب لأنه أغرى شاباً على أن يقوم باغتيال أو أن يقوم بتفجير؟

هل مما يسرُّه أن يؤخذ لأنه يسعى لمصلحة رجل أو زعيم؟

هل مما يسرُّه ويطمئن قلبه أن يُعتقل لأنه يجمع أو يوزع منشورات سرية لا يمكن أن يتبناها كاتبها؟ أو أنه يجمع أسلحة لأجل القيام بمثل تلك الأعمال؟ وهل تلك الأعمال هي التي يجب أن يقوم المسلم بها أو لن يغير الأوضاع بواسطتها؟ هل يليق بالمسلم أن يكون همه وهدفه عمل مثل تلك الأمور؟

ينبغي أن يواجه المسلم نفسه بهذا كله كيلا يُصدم في النهاية، ولكيلا يبدو له في نهاية الأمر ما لم يكن يريده، ينبغي أن يعمل وهو يتصور كل هذه المواقف.

والحق أن المسلم لا يرضى ضميره عن شيء من هذا، بل الأحرى أنني لا أرضى له هذا ولا أرضاه لنفسي.

إذن، فإن كان هذا كله هو الذي يستطيع المسلم أن يجعله مسوِّغ تصرفاته وعمله، فما هذا الذي يمكن أن يقدم له مسِّوغ تحمُّل الأذى والعذاب باطمئنان وارتياح؟

هل يمكن أن يجده؟ بحيث إذا فعله وتبناه رضي ضميره وسعد قلبه، وإن أدى ذلك العمل به إلى أشد أنواع البلاء.

هل يستطيع أن يوضح هذا ويجليه أمام الأنظار؟

وهل مما يرضي ضميره أن يسجن بسبب تبليغه لرسالات الله تبليغاً صحيحاً سليماً كاملاً، بحيث يبين للناس حقيقة ما يطلب منهم ربهم؟

ليس هذا مما يوبخ ضمير المسلم من أجله.

ليس في هذا ما يدعو إلى القلق، بل إن هذا العمل هو الذي في سبيله يمكن أن يرضى المسلم بما يلقاه. إنه يرضى أن يكون ذنبه أن يكون مؤمناً، وأن يقول ربي الله.

فيعترف بهذا الذنب ولا يتنازل عنه.

ففي اليوم الذي يصبح العمل بمقتضى قوله تعالى:

(الَّذِينَ يُبَلِغُونَ رِسَالاَتِ اللهِ وَ يَخشَونَهُ وَلاَ يَخشَونَ أَحداً إِلاَّ اللهَ) ] الأحزاب 33/39 [.

في اليوم الذي يصير مثل هذا العمل جريمة، يمكن للمسلم أن لا يبالي في الوقوع في مثل هذه الجريمة.

وفي الوقت الذي يصير كتمان الحق واجباً وفريضة، يمكنه أن يخالف هذا الواجب وهذه الفريضة باطمئنان.

قال الله تعالى:

(إِنَّ الَّذِينَ يَكتُمُونَ مَا أَنزَلنَا مِنَ البَيِنَاتِ وَ الهُدَى مِن بَعدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُم اللهُ وَ يَلعَنُهُمُ الَلاَّعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيهِم وَ أَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) ] البقرة 2/159-160 [.

ولا يبالي المسلم أن يكون ذنبه هو إيمانه بالله العزيز الحميد.

(وَمَا نَقَمُوا مِنهُم إِلاَّ أَن يُؤمِنُوا بِاللهِ العَزِيزِ الحَمِيدِ) ] البروج 85/8 [.

ولا يبالي المسلم إذا كان ذنبه أن يبيَّن للناس معنى (لا إله إلا الله) معنى أفضل كلمة قالها رسول الله (ص) والنبيون من قبله.

والمسلم العادي قد يظن أن مثل هذه الدعوة لا تؤثر، لأنه قد خفي عليه ما تحتوي كلمة لا إله إلا الله من بركات لا يستطيع أن يصبر عليها الذين يستعبدون البشر، فبخس المسلم الدعوة حقها لجهله بحقيقتها.

إذن لا مانع أن يُبتلى المسلم، وأن يُسجن في سبيل إخراج الإسلام من سجن الكتمان والتحريف، الذي أودعه المسلم فيه فأصبح خارج نطاق الدعوة والبيان، بانتظار توفر القوة أو الظروف المساعدة. إن بيان الإسلام ليس بحاجة إلى انتظار القوة، ولا للظروف المناسبة. إن مثل هذه الأفكار هي التي حالت بين الدعوة إلى الله وبين الإصلاح الاجتماعي الذي ينبغي أن يقوم به الإسلام.

وأخيراً نريد أن نقول بصراحة وشجاعة وإباء دون أن نشعر بشيء من الضعف والتردد:

لا مانع أن يكون ذنب المسلم كذنب ابن آدم الأول:

أي أن يتقبل الناس دعوة الله منه، وأن لا يتقبل من الآخرين دعواهم الباطلة.

وإن بسط هؤلاء إلى المسلمين أيديهم بسبب هذا الذنب، فنحن لا نبسط أيدينا إليهم بل كما قال ابن آدم الأول:

(لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقتُلَنِي مَا أَنا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيكَ لأَقتُلَكَ إِنِي أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ) ] المائدة 5/28 [.

مواضيع ذات صلة