نموذج القراءة التاريخية: (قصة قوم يونس)
من Jawdat Said
يبدو أننا ابتعدنا عن مشكلة الصين؟ هل يمكن للصين أن تتفادى العذاب، كما تفاداه قوم يونس؟
فلنقرأ قصة قوم يونس بشيء من القراءة الدنيوية..
في الواقع إن محمد أركون انتبه إلى شيء مهم جداً، وقد كرره كثيراً في كتبه، وهو أن العالم الإسلامي بحاجة إلى تيولوجيا جديدة. طبعاً هو يستخدم المصطلح الغربي: تيولوجيا، ولكنه يقصد أن المسلمين بحاجة إلى فهم معنى التوحيد، وإلى تجديد التوحيد، إنه بحسب ما أفهم، يتمنى أن يتمكن المسلمون من أن يفهموا القرآن على أساس القراءة البشرية الدنيوية.
لقد تنبه إلى هذا، ولكنه لم يعلم كيف يمكن تحقيقه، وصعب عليه أن يفهمه، وإن شعر بالحاجة إليه، وقد نقلت عنه سابقاً قوله: « التاريخ بحسب القرآن ليس من صنع البشر، بل من صنع الله ».
هذه الفكرة المسيطرة تمنع من إمكان قراءة القرآن قراءة بشرية.
أعلم أن كثيراً من الناس يشمئزون من ذكر اسم ابن تيمية أو أركون، ولكن ما دامت الأسماء هي التي تتصرف بانفعالاتنا، فسنأخذ وقتاً طويلاً حتى نفهم قانون الزبد، لأن أسماء الأشخاص لا تحوّل الزبد إلى حلية، ولا تحوّل الضار إلى نافع، ولا النافع إلى ضار، الأفكار النافعة غير مرتبطة بالأشخاص، الأفكار الصحيحة لا تتأثر بأسماء الأشخاص، إلا في عالم الذين ألغوا النظر إلى العواقب والتاريخ.
إن في الأفكار التي أقولها أفكاراً سيتأسفون عليها، وعلى الكيفية التي كنت أقرر فيها مثل هذه الأفكار الخاطئة، بنفس الطريقة التي نتأسف فيها على خطأ أركون أو ابن تيمية، ولكن لكل عصر لغته وتأويله لفهم الذرة والمجرّة والتاريخ.
ما شأن أهل الصين، وما شأن قوم يونس؟
اقرأ هذه الآيات قراءة أرضية تاريخية بشرية، لا قراءة سماوية أو أسطورية أو إلهية أو ….: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ، لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ، فَلا تَكُونَنَّ مِنْ المُمْتَرِينَ، وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنْ الْخَاسِرِينَ، إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ، وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الألِيمَ، فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا، إِلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ، وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا، أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ، وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إلا بِإِذْنِ اللهِ، وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ، قُلْ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ، وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ، فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ، قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُنْتَظِرِينَ، ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا، كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) يونس: 10/94-103.
(فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ)، إنه يقول لك: لا يجوز لك أن تشك، أو يحرم عليك أن تشك، ولا يفرض عليك الأفكار، ولا يقول لك: أن الله، لا أقول لك إلا الصدق، لكنه يدل الإنسان على ما به يعرف أن الله حق: (أَفِي اللهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) إبراهيم: 14/10، انظر إلى السماوات والأرض، فسِّرها، هل هذا عَبَث؟