ميزان الزبد والنافع
من Jawdat Said
ما معنى التوحيد؟ ما معنى الشرك؟ ما معنى الرشد؟ كيف نفهم الأمور؟ ما معنى الفهم، وكيف يحصل الفهم، وكيف نعلم أننا فهمنا، وكيف نثق بفهمنا؟
هنا أعود إلى القول للمرّة الألف أن ادعاءك صحة الفهم ليس دليلاً على صحته فعلاً، وعليك أن تعرض فهمك على المسطرة لتقيسه بها، وعلى الميزان لتزينه بها، فإن صح هناك كان صحيحاً، وإلا فهو زبد جفاء لا خير فيه.
اعرض فهمك على ميزان الزبد والنافع، لتعرف هل هو صحيح حقاً، فالصحيح هو الذي يمكث في الأرض، والزبد هو الذي يذهب جفاءً: (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) النساء: 4/123، ومن يفهم سوءاً يجز به. كيف نتبين الفهم الصحيح من الفهم السقيم؟ كيف نبين الذئب من الحَمَل؟ كيف نتبين الرشد من الغي؟ من ثمارهم تعرفونهم. كيف نعرف الثمار؟ نعرفها من التاريخ، من حوادث الدهور، فالتاريخ لا يحوّل الخطأ إلى صواب، بل يفرزهما بميزان دقيق، فيذهب بالزبد جفاءً، ويبقى النافع، ربما يشتبه علينا الأمر مدّة من الزمن، قد تطول وقد تقصر، ولكن القانون لا يضيع أبداً، والتاريخ شاهد على ذلك، وحوادث التاريخ شاهدة أيضاً، وإذا لم تكن كافية لغفلتنا عنها، فإن التاريخ مستعدٌّ لأن يعيد نفسه ويستوفي الثمن ويُخضع رقابنا، فالتاريخ لا يمل من التكرار ولن يمل الله حتى تملوا.