موقف القرآن من الذي ينسبون أخطاءهم إلى الله

من Jawdat Said

اذهب إلى: تصفح, ابحث
كتب جودت سعيد

كن كابن آدم


Kunkabkadm.cover.gif
انقر هنا لتحميل الكتاب
مقدمة وتمهيد
المقدمة
تمهيد
الفصول
الفصل الأول: السلطة والمعرفة
الفصل الثاني: الخوف من المعرفة
الفصل الثالث: قراءتان للقرآن
الفصل الرابع: الغيرية والجنون الأعظم
الفصل الخامس: الإنسان والتاريخ
الفصل السادس: في دلالات آية الوحدة الأوروبية
الفصل السابع: مذهب الرشد، مذهب ابن آدم والأنبياء


وإذا أردت أن تتدرب على فهم هذا الموضوع، فانظر إلى ما يقوله الله تعالى عن الذين أعلنوا أنهم يحذفون جهد الإنسان ولا يرون إلا عمل الله: (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ) الأنعام: 6/148.

لقد حذف هؤلاء القوم ما يرجع إليهم في حدوث هذه العقائد والممارسات، ونسبوا كل شيء إلى الله، ولكن ماذا أجابهم الله على أقوالهم هذه؟

أجابهم بقوله: (كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا، قُلْ: هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا؟ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ، وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ) الأنعام: 6/148.

انظر إلى هذه الردود الخمسة التي رد بها الله على الذين ينسبون أخطاءهم التي ارتكبوها إلى الله، ويبرئون أنفسهم منها ويدفعون المسؤولية عنها.

إن هذا الأسلوب في الاحتجاج ليس جديداً في التاريخ، لأن الذين من قبلهم كذبوا هذا التكذيب.

هذا الفهم، وهذا النظر، يُنتج نتائج الخراب التي سوف يذوق وبالها أولئك المكذبون، وسيصابون بالمصائب، وهذا معنى قوله تعالى: (حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا).

(قُلْ: هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا؟)، إن هذه الدعوى ليست مبنية على علم يمكن إخراجه إلى الوضوح والجلاء، كي تصير علماً.

هذه الدعوى ظن واتباع للأهواء فقط.

وهذه الدعوى ليست سوى حرص وأماني يخدعون بها أنفسهم.

ثم قال تعالى بعد ذلك: (قُلْ: فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) الأنعام: 6/149.

لا تظنوا أنكم حين ضللتم كان ضلالكم رغماً عن الله، إنه قادر على أن يسيّركم تسيير الأجرام العظام كالشمس والقمر، فلا تحيدون عن المسار الذي رسمه لكم، ولكنه تعالى أعطاكم الأمانة فخنتموها وضيعتموها.

لقد أفردت لهذا الموضع مؤلّفاً خاصاً بعنوان (حتى يغيروا ما بأنفسهم)، ولكنني لا ازعم، إلا هنا ولا هناك، أنني قلت أو فهمت عن هذا الموضوع ما يكفي؛ بل إن على العقول والقلوب المؤمنة الفتية في العالم الإسلامي وفي العالم كله أن يتفهموا هذا الموضوع ليحملوا الأمانة ويحققوا ما علم الله في الإنسان، لأن ذلك لن يتحقق إلا بجهد البشر وتغييرهم لما بأنفسهم، ولن يغير الله العواقب حتى يغير الناس ما بأنفسهم، وسيظل الناس يذوقون بأس ما بأنفسهم حتى يغيروه، ولن يملّ الله حتى نملَّ، وإذا لم تكفِ المثلات التي خلت في التاريخ؛ فستكرر أمثالها، وفي هذا المعنى يأتي قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ، وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الألِيمَ) يونس: 10/96-97، وقوله تعالى: (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الألِيمَ) الشعراء: 26/210.

إن الإيمان لا يحصل لهؤلاء حتى يروا العذاب الأليم، وقد لا تكفي رؤية العذاب الأليم، بحيث يحتاج الأمر إلى أن يذوقوا العذاب، ولكن بعض الناس لا يرجعون حتى حين يذوقون العذاب، إلا حين يتكرر العذاب في الأجيال المتعاقبة.

أيها الشباب أيها المسلمون! أيها المؤمنون! اجتهدوا وتنافسوا في إبراز الحقائق وتوضيحها، وفي اكتساب العلوم والمعارف ونشرها، ولا تكتموها.

كيف ومن سيبسط هذه المفاهيم؟ من الذي سيجلو ويمحو الظلمات، ويضع أبناء المسلمين على سبيل العلم الذي ينبغي أن يسلكوه.

كيف ومن الذي سيقيم الدورات التدريبية لتدريب أبناء المسلمين على هذه القراءات، ولتصحيح المفاهيم المغلوطة والغامضة؟ كيف سنحول المساجد إلى أماكن تشع بالعلم والنور لإزالة ما بالنفس من مفاهيم أورثت المسلمين الذل والحرمان، وجعلتهم يذيقون بعضهم بأس بعض؟ كيف نحوّل حياتنا إلى الأمن والهدى، ونكون من الذين قال الله عنهم: (أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) الأنعام: 6/82؟

إنني أرى المستقبل الذي تتحقق فيه هذه الآمال بعين البصيرة، وحين نفهم طريق الهدى لن يتمكن أحد من أن يقف في وجهنا، وسيشع النور، وسيحل الأمن والهدى.

لقد ذكر الله تساؤل إبراهيم عليه السلام بعد محاجته قومه، قال: (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأمْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ؟ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ، أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)] الأنعام: 6/81-82 [.

عن المر لقريب، وسيتعجب الناس بعد أن يستيقظوا ويفهموا! كيف كان يغيب عنا، وكيف بقينا في الظلمات، وكيف علينا هذا الأمر خلال كل هذا التاريخ الطويل المضني؟!

نعم لقد كنا غائبين عن رؤية ما يحدث، ولا زلنا غائبين.

لنعد إلى الرشد، ولنبحث كيف وبماذا يتبين الرشد من الغي، وكيف التبس الرشد بالغي، وكيف قبلنا الدخول إلى صراع الغي بالغي مع الغي، وكيف سجلنا في التاريخ لحظة ضياع الرشد والدخول في الغي..

ينبغي أن نكثر من العودة إلى المكان الذي فقدناه فيه.

حدثني صديقي فاروق الأدهمي بقصة فلسفية قال: كان هناك يبحث في الأرض عن شيء أضاعه، فجاء إليه رجل وسأله، عمّ تبحث؟ قال: أبحث عن مفاتيح فقدتها، فسأله: أين فقدتها؟ فقال: هناك، وأشار إلى مكان آخر غير المكان الذي يبحث فيه، فقال له: إذا كنتَ أضعت مفاتيحك هناك، فلم تبحث عنها هنا، ولا تبحث هناك؟ فقال: هنا يوجد ضوء، وهناك لا يوجد ضوء. هذا الرجل لم يخطر في باله أن يأخذ الضياء إلى حيث فقد مفاتيحه.

دعنا نبحث عن الرشد حيث فقدناه، دعنا نحمل معنا الضياء إلى حيث كان عهد الظلام، وهل من ضوء ابيض لنبحث عما فقدناه، لنبحث عن الرشد؟ ولكن ما هو الرشد؟ الرشد هو الاهتداء إلى الحل الأرشد (سبيل الرشاد)، إلى الحل المثل، إلى الحل الأقل كلفة والأعم نفعاً، الرشد هو الحل بدون معاناة، هو الحل بطريقة اللعب المغري.

كم هو مهم اكتشاف الطرق الراشدة لتعليم الأطفال واستغلال حب الاستطلاع غير القابل للإطفاء لديهم، لا شك أن حب الاستطلاع الذي لا ينضب عند الأطفال يمكن استخدامه حين نكون ماهرين في إبداع الوسائل الجديدة والحلول المبتكرة.

الفصل الثاني: الخوف من المعرفة الفصل الثالث: قراءتان للقرآن الفصل الرابع: الغيرية والجنون الأعظم
فعل الله وفعل الإنسانالارتباط الوثيق بين القراءتينموقف القرآن من الذي ينسبون أخطاءهم إلى اللهتوينبي ونظام سير الحضارةاستثمار طاقات الأطفالأثر المعرفة التاريخية في الإنساناحتفال القرآن بالمواقف التاريخية الصحيحةبين النظر والانتظارالتاريخ وفرز الحق من الباطلاهتمام القرآن بالتاريخالمسلمون والتاريخالتاريخ والحجة الإبراهيميةالمقدس والنافعالعواقب المعجلة والعواقب المؤجلةالدخول إلى معبد التاريخمذهب بلال ومذهب ابن آدمبلال وتغيير ما بالأنفساليأس والكفرالجنون والسحر والرحمة والعذابالأنبياء والرحمةمن دلالات حرب الخليجالقراءتان وصرف الإنسان عن الآياتأمراض الفكر وجراثيمه