من دلالات حرب الخليج
من Jawdat Said
إن حرب الخليج، تلك المأساة العظيمة، من أكبر الأدلة والبراهين والحجج، وإذا كان للأدلة معنى، وللبراهين قيمة، وللحجج سلطان، فإن حرب الخليج هي الفاضحة الواضحة، إن حرب الخليج من أيام الله الكبرى والعظمى، إنها عذاب ومأساة حيرت النفوس، وصدمت العقول والألباب، إنها الصادمة، إنها القارعة، إنها الحاقة، لقد أخرست الأسنة، وحيرت الأفئدة، ولم يستفق الناس منها بعد، إنها أعظم حدث، لأنها أبرزت المرض الذي كان خافياً، بشكل فاضح، المرض الذي اختمر خلال التاريخ الطويل فكان انفجاره عظيماً، لقد كان مرضاً كامناً متوطناً، وكان مرضاً خطيراً، ولازالت بذوره كامنة.
لقد كان مرضاً ضخماً وعنيفاً، ولكن بروزه بعنفوانه وسطوته، أتاح ظهور العلاج الكئيب الكالح على أعظم ما يكون الظهور.
بئس المرض وبئس العلاج، فقد كان العلاج كئيباً، بقدر ما كان المرض فادحاً، وقد كان الدافع إليهما حقداً وبغضاء وكراهية وتوحشاً، ولم يكن فيه شفقة، ولا صلة لرحم العشيرة، ولا فائدة لرحم بني آدم، بل كان تقطيعاً لكل الأرحام القريبة والبعيدة.
لقد جاء الأنبياء بالرحمة، جاؤوا ليخففوا العذاب، وليضيعوا الأثقال، ولكننا نسلك سبيل العذاب والأثقال وإهلاك الحرث والنسل.
هل هذا هو سبيل من أرسل رحمة للعالمين؟ هل هذا هو سبيل الرشد؟ هل هذا سبيلٌ للرحمة أم للحقد والكراهية؟
(سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) الأعراف: 7/146.
(أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) هود: 11/78، أليس في المثلات اعتبار؟ أين من يكشف الغطاء؟ أين يبرز الصواب؟ أين الرشاد؟ هل تبين الرشد من الغي؟ هل هناك رشد، وهل هناك شيء قريب إلى الرشد؟ ما هو الرشد؟