«محاضرة جودت في بلجيكا»: الفرق بين المراجعتين

من Jawdat Said

اذهب إلى: تصفح, ابحث
(YUBqAJApyLOoPdH)
 
(٣٣ مراجعات متوسطة بواسطة ١١ مستخدما غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
محاضرة جودت في بلجيكا
+
Your potsing lays bare the truth
 
+
==المقدمة==
+
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، والآمرين بالقسط من الناس.
+
 
+
أرى أنه ينبغي أن أقدم وجهة نظري كإنسان يراقب هذا العالم الصاخب الذي اختلطت فيه المصالح والمغارم. عالم يتمتع فيه خمس البشرية الأبيض النظيف بالمعرفة وبـ80% من الثروة والامتيازات لكنه يعيش في خوف على امتيازاته، بينما يعيش أربعة أخماس البشرية في فقر وفساد وبؤس ويتلمظ للحصول على الامتيازات.
+
 
+
أنا هنا أحاول أن أشرح وضعاً بشرياً صعباً، ليس لأنه غير واضح، بل هو واضح جداً لكنه في الوقت نفسه خفي جداً. مثل الشمس الواضحة التي ظن الناس أنها تدور حولنا. إننا نعيش أموراً كثيرة بهذا الوضوح والخفاء، والموضوع الذي نحن بصدد بحثه هو من هذا النوع الخفي الجلي في آن واحد.
+
 
+
إن نظام العالم الذي نعيش فيه اليوم مفروض بالقوة من أجل الحفاظ على امتيازات 20% من البشر. إنها شرعية فرضت بعد الحرب العالمية الثانية من خلال الأمم المتحدة التي تمثل أعلى مؤسسة سياسية عالمية (يسمونها شرعية دولية) لكنها معبد تعبد فيه القوة، من خلال حق (الفيتو) الذي حول الأمم المتحدة إلى ورقة لا تستر عورة الإنسانية بل تفضحها، فهو إلغاء للعدل وللقانون ولحقوق الإنسان وللديمقراطية، وهو الفساد الأكبر في العالم، والشر الذي يولد كل الشرور.
+
 
+
==مواضيع البحث==
+
مشاهد قرآنية عن الإنسان
+
 
+
===الإنسان والفساد===
+
يتحدث الله في القرآن عن الإنسان حين كان مشروعاً لم يتحقق بعد، (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً) واعترضت الملائكة بأن الإنسان ليس أهلاً لهذه المهمة، (قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) فأجابهم الله: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)، إني أعلم في هذا المخلوق ما لا تعلمون من إمكانات يُمكنه أن يحققها، ثم أضاف (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ)، وكأنه يقول: إن هذه الإمكانية منبثقة من أنني جعلته قادراً على التسمية، أي على وضع الأسماء للمسميات، بهذه القدرة استحق الإنسان الخلافة، والبشر اليوم لا يزالون يعيشون على توقعات الملائكة من الإفساد في الأرض وسفك الدماء، ولم يحققوا بعد علم الله في الإنسان.
+
 
+
يشير عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو إلى التواطؤ الضمني الذي يمارسه أفراد المجتمع، (فأنا أعلم، وأنتم تعلمون، وأنا لا أتكلم، ولا أنتم تتكلمون، لكننا جميعاً ملتزمون) بالتواطؤ الاجتماعي والتواطؤ الدولي، فنسكت على الفساد العالمي المتمثل في مجلس الأمن وحق الفيتو الذي أعتبره عاراً على المثقفين الصامتين، ونبحث في الصراعات الصغيرة المفتوحة أو المجمدة.
+
 
+
لكن، في مشهد آخر من قصة الخلق يتحدث القرآن عن آدم وزوجه وكيف قال لهما الله: (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ)، ثم يذكر كيف خدعهما الشيطان (وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ). فأكلا من الشجرة (وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ). فكان جواب آدم وزوجه: (قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا) فاعترفا بكل الوضوح بالظلم الذي وقع منهما، وطلبا المغفرة والرحمة، ومع أن القرآن يذكر أن الشيطان قام بدور كبير في الإغراء فإنهما لم يذكرا الشيطان بل تحملا المسؤولية دون اتهام أحد، وهذا الموقف هو الجواب الأول على تهمة الملائكة ودليل على جدارة في تحمل المسؤولية.
+
 
+
في المقابل كان موقف إبليس من معصيته أنه احتج بحجتين: الأولى أصله المادي، أي بعرقه وأنه من جنس مختلف ومعدنٍ أرقى من معدن آدم. والثانية بمذهبه في التفسير للوجود من أن سبب خطئه يرجع إلى الله الذي مكنه من الوقوع في الخطأ،
+
 
+
إن تبرئة الذات واتهام الآخر لا يحل المشكلة، وإنما يكون الحل من الذات وكشف الخطأ فيها، والقرآن يقول: (مَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) [النساء:4/79[، (وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [النحل: 16/33[.
+
 
+
المشهد الثالث الذي يختم قصة الخلق في القرآن هو قصة ابني آدم: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّباً قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الْآخَرِ قَالَ: لأقْتُلَنَّكَ قَالَ: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ، لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ، فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ. قَالَ: يَاوَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنْ النَّادِمِينَ) ] البقرة: 5/27-31 [.
+
 
+
من أراد أن ينظر إلى هذه القصة حقيقة واقعية فليفعل، ومن أراد أن ينظر إليها رمزاً فليفعل، إلا أنني أجد في هذه القصة، ارتفاع الإنسان إلى مستوى جهازه العصبي الجديد، فالذي لم ينجح في عمله وفشل في حل مشكلته، بدل أن يراجع نفسه المتطورة، رجع وانتكس إلى الأسلوب القديم؛ أسلوب القتل؛ وقال لأخيه هابيل الذي تقبل الله قربانه ونجح عمله: لأقتلنك، سفر التكوين لا يذكر جواب هابيل في الحوار، لكن القرآن يذكر جواب هابيل بوضوح وإصرار ووعي من هابيل. أجاب هابيل على التهديد من قبل أخيه فقال: (لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) ] المائدة: 5/28 [. يقف هابيل هذا الموقف بإصرار ووعي وتحمل للعواقب وتحمل للمسؤولية وحسن استخدام للسلطة الجديدة التي اكتسبها الإنسان، هذا الذي ينبغي أن نقف عنده لبدء عهد جديد. ولقد دشن هابيل بموقفه هذا، الوعي التاريخي التطوري، سواء صحت هذه القصة أم لم تصح كتاريخ، فإني أشهد أن موقف هابيل ليس هرطقة، بل هو الموقف المتطور للحياة الإنسانية الجديدة مهما كان كشف ذلك صعباً، إن هذا الموقف ليس هرطقة، والتاريخ سجل موقفاً شبيهاً هو موقف سقراط وتحديه بقبول العنف الجسدي والموت، ورفض أن يُقفَ حواره مع الجهاز العصبي أو يهرب من الحوار. إننا نقدم هنا تحية إعجاب وخشوع لابن آدم الأول ولسقراط لأنهما وثقا بالتطور الذي حدث للأمم ولم يتراجعا، ورفضا أن يقبلا العودة إلى شريعة القوة الجسدية، فقدما مثلاً وموقفاً للمثقف.
+
===الخاتمة===
+
انتهى عهد الأنبياء بعد الرسالة الخاتمة، وانتقلت المسؤولية إلى أهل العلم ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور ، ومن ضباب الخوارق إلى ضياء السنن ، ومن جور الاستعباد إلى عدالة الحرية .
+
 
+
الأنبياء جاؤوا للتنافس في فعل الخير ، لنتنافس كيف نصنع السلام العالمي ، ونصنع المجتمع العالمي الذي يتساوى الناس فيه أمام القانون ، ونكون بذلك حققنا إرادة الله وأُمنية الأنبياء . وأقرب الناس إلى الله هم الذين يُقدِّمون خدمات للناس أكثر .
+
 
+
والمسألة ليست مسألة تشريع ديني ، أو قانون وضعي ، بل مسألة ظلم أو عدل ، مساواة أو امتيازات ، آلهة أو عبيد .
+
 
+
ومعلمون لا يثقون بعلمهم لن يكونوا قادرين على تلقيح العقول بمضادات الاستبعاد .
+

المراجعة الحالية بتاريخ ٢٢:٢٦، ١ أكتوبر ٢٠١٢

Your potsing lays bare the truth