كيف نعيد كشف القرآن

من Jawdat Said

مراجعة ٠٧:٠١، ٩ مارس ٢٠٠٩ بواسطة Admin (نقاش | مساهمات)

(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح, ابحث
مقالات ذات صلة
......................
انقر هنا لتحميل المقالات (Doc)

جودت سعيد. مقالات ((مجلة المجلة))

إن هذه الأفكار تشغلني، ولقد انفتحت لي فيها روزنة، كما قال الصوفي: "فتنازعت أقدار الحق بالحق للحق". إن الله هو الذي خلق الأسباب وخلق النتائج وجعل الإنسان قادرا على كسب المعرفة. يقول الله: "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها". فاعل "ألهمها فجورها وتقواها" هو الله وفاعل "أفلح" و"خاب" هم البشر. وهذا القانون ساري في القرآن، ولكن أحيانا لا يُذكر إلا أحد الفعلين والفاعلين والمفعولين. فحين يقول "أنعم" و"أعطى" و"وسع" و"ضيق" فإن فاعله الله تعالى.

ولا يذكر في كل الآيات الفاعل الثاني، لأنه لا يتحقق فعل الفاعل الأول إلا إذا تحقق أولا فعل الفاعل الثاني الذي هو الإنسان. إذن، عمل الإنسان ينبغي أن يتحقق أولا، وبعدها يتحقق عمل الله.

خلق الله التربة والماء والنخيل والأعناب، ولكن الإنسان هو الذي صنع البستان والجنان. فقبل الزراعة كان عدد الناس قليلا وكانت مصادر رزقهم تلقائية في زمن الجمع والالتقاط. ولما كشف الإنسان الزراعة حدث تغير كبير لأن الشجرة صار لها معنى مرتبطا بعلم الإنسان، أي ما بنفسه. وهذا الإنسان المكرم الذي خلقه الله ونفخ فيه من روحه لن يستمر خلقه إلا إذا تزاوج البشر، ولكن الله هو الذي يخلق.

ولقد ذكر الله ذلك في القرآن فقال: "أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون". وهكذا الزراعة أيضا، فنحن نضع البذرة والله هو الذي يخرج منها الثمرة. نحن نعمل شيئا يسيرا جدا في الزواج والزرع، ولكن الله يخلق من ذلك الشيء الوفير حسب قوانينه. ونحن دائما نقول أن الأرزاق والآجال بيد الله، ولكن علينا أن نعيد النظر في عمل الإنسان وعمل الله في هذا القول. يجب أن نفهم دور الإنسان في صناعة ظروفه ضمن قوانين الله التي بموجبها ينال الإنسان ما كسبت يداه.

نحن في حاجة إلى ذكر هذا كثيرا. فعندما يسير الناس في الأرض وينظروا كيف بدأ الخلق ويكونوا شهداء على الناس ويطلبوا العلم ستتغير النقم إلى نعم. والله يقول: "هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب".

إنما يعطي الله المجتمعات على حسب ما بأنفسها. "أليس الله بأحكم الحاكمين". والله لا يحابي أحدا. "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا". هذا الترابط صار غامضا في العالم الإسلامي ويكرر على كل منبر من أنه لا يرفع ولا يضع إلا الله. ولا يخطر في بالهم أنه لا يحدث لنا شيء إلا من عند أنفسنا وبما كسبت أيدينا. عند فهم هذا لن نصد عن سبيل الله ولن نفتري على الله الكذب ونلومه على نقمنا، ولن نقول كما قال الذين أشركوا: "لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون". سيتألق هذا في المستقبل وسيكشف الناس فلسفة الوجود حسب القرآن وحسبي أني أصرخ في البرية أن ملكوت الله قادم، نعم إنه قادم. "أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون". "إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم."