كتاب اقرأ وربك الأكرم، الفصل الثاني: العلم
من Jawdat Said
محتويات
العِلْم
ليس للعلم تعريف في مجتمعاتنا، لهذا لابد من إعادة القول وتفصيل جوانبه ليتحدد لنا معنى العلم فيزول الالتباس الذي يؤدي إلى فقدان ثمرات العلم. وإذا كان التوحيد علماً فإن العلم توحيد أيضاً لا يقبل الشرك، بمعنى أنه يشتبه بالباطل، لهذا لابد من تحرير العلم وتصفيته من الأباطيل والخرافات، حتى ينعم الإنسان بثمرات العلم الصافي الخالص. وكما أن الدين الخالص لله لا بدَ أن يتحصن من البدع، كذلك العلم لابد أن يتحصن من المغالطات في نسبة النتائج إلى غير أسبابها. يقول ويلز في مقدمة كتابه (معالم تاريخ الإنسانية):
(والمؤرخون في عصرنا هذا أناس ذوو علم واسع يخشون الهفوات الصغيرة أكثر مما يخشون عدم التماسك بين المقدمات والنتائج، وهم دائماً في فَرَق - خوف ورعب - مما يصيبهم من سخرية مؤكدة إن أخطؤوا في أحد التواريخ، أكثر مما يخافون إسناد قيمة خاطئة لعمل لا يستحقها.. ولذا.. يجب في هذا العصر الذي يمتاز بالسرعة والإقدام أن تقوم بالعالم طبقة كاملة من العلماء المتفانين في العلم يكون واجبها الاحتفاظ بمعيار محتم من المعايير المحكمة الضبط) (معالم تاريخ الإنسانية، المجلد الأول، الطبعة الثانية، 1956 - ص 4،5).
ما هذا الذي نسميه علماً؟
لابد قبل الخوض في هذا الموضوع من تسليط بعض الأضواء على أسس معينة:
الأساس الأول: لا علاقة بين السبب والنتيجة عقلاً
وللتسليم بمحتوى هذه الجملة، لابد من معرفة كلٍ من السبب والنتيجة والعقل، وسوف نجعل لكل منها طرفاً من الحديث في هذا الكتاب. والذي نقصده هنا من القول (لا علاقة بين السبب والنتيجة عقلاً): هو أن العقل لا قدرة له على ربط الأسباب بالنتائج أو العكس قبل أن يشاهد هذا الارتباط في الواقع الخارجي. فمثلاً لا ارتباط بين أي دواء وأثره أو نتيجة عقلاً، وإلا كان العقل يمكن أن يفهم هذا السبب قبل أن يشاهد النتيجة ولكن هذا لا يحدث وإنما فقط يدرك الإنسان العلاقة بين السبب والنتيجة برؤية الارتباط بينهما سلباً وإيجاباً. توجد النتيجة إذا وجد السبب وتفقد إذا فقد. كذلك لا علاقة بين صفة الماء وصفتي الهيدروجين والأوكسجين اللذين ينتج عنهما الماء بنسب وشروط معينة، وكذلك لا علاقة بين صفة الملح وصفة كل من الكلور والصوديوم اللذين ينتج عنهما. فالعلاقة لا تظهر لنا إلا بالمشاهدة الدائمة المتكررة. وقولنا: إن الملح نتيجة لتركيب عنصرين معينين بشكل معين يعني أنه قانون ثابت لا يتغير ولا يتبدل، فهذا نقول إنه علم؟ فكما وجد السبب وجدت النتيجة. وهذا المثال يعطي صورة للعلم إلى حد ما. فالأسباب المعينة تؤدي إلى نتائج معينة، وإذا تحققنا عن طريق الملاحظة والتجربة من ارتباط الأسباب بالنتائج بدقة، حصل العلم وارتبط في العقل السبب بالنتيجة، إذ قبل رؤية السبب والنتيجة لا قدرة للعقل على تحديد ارتباط الأسباب مثل الأوبئة التي كان الإنسان يشاهد نتائجها المروعة، ولم تعرف الأسباب إلا بعد أن يأتي من يقول هذا هو السبب ويبين بالمشاهدة والتجربة، ارتباط هذه النتيجة بسبب معين، فيرتبط هذا السبب بالنتيجة فيكون علماً.
مثال
ولو كان العقل يمكن أن يربط الأسباب بالنتائج لفهم الناس أسباب الوباء قبل أن يشاهدوها في الواقع، ولكن العقل الذي يؤمن أن للأحداث أسباباً يبدأ في البحث عن الأسباب حسب خبرته في قضايا أخرى شاهد أسبابها من قبل، ويظل يبحث حتى إذا اهتدى إلى السبب الجامع المانع يقول: الآن عقلت حتى إذا اهتدى إلى السبب فصار بينهما ارتباط بالمشاهدة المحددة. وإن كان العقل - حسب تعوده - في مظاهر الكون يفرض أسباباً للأحداث، إلا أن تحديد الأسباب وربطها بنتائجها لا يأتي إلا بالمشاهدة والتجربة، سواء في ذلك الأمور المادية - مثل المركبات الكيماوية والمواد العضوية - أو الأمور الاجتماعية - كظهور المشكلات في المجتمع الذي يفقد العدل مثلاً فيمكن تحديد الأسباب لمشكلات المجتمع، مثل تحديد الأسباب لمشكلات العضو الحي. وفي الجانبين لا يحدد الأسباب إلا من ينظر ويرى.
الأسباب في الآفاق والأسباب في الأنفس
إن رؤية الأسباب في مظاهر الكون الطبيعية أسهل من رؤيتها في مظاهر المجتمع حسب الترتيب الذي ورد في القرآن الكريم (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) (فصلت / 53).. فرؤية الأسباب في الآفاق أيسر من رؤيتها في الأنفس فإذا كان هناك علم فلك وكيمياء، فهناك علم مجتمع ونفس وأخلاق، وكون علم ما قليلاً في جانب ما ليس معناه أن نتائج هذا الموضوع ليست مرتبطة بأسبابه، ولكن نحن لم ندقق في رؤية ربط الأسباب بالنتائج. والذي يربط هذا هو الذي يبحث دائماً في الأحداث الكونية والاجتماعية ويراقبها، فتظهر له أسباب النتائج فيربط بعضها ببعض فيصير الارتباط عقلياً ويصير الموضوع علماً.
هذه الأفكار ليست صعبة، بل تنسجم مع الفطرة، ولكن الذي يحدث أن سادتنا وكبراءنا إذا قالوا: إن الفلك والكيمياء علم بينما المجتمع والأخلاق ليسا بعلم، نقلد ونقبل ولا نتشكك، لأننا لا نتعامل مع الحقائق الخارجية وإنما نتعامل مع الكتب والأشخاص، وهذا ما قال عنه الغزالي: (المعتقد يتشكك عند الشبهات، أما الموقن صاحب العلم فلا يجد ذلك). ولا بد أن يصير البحث مع الحقائق الخارجية فوق الكتب والأشخاص، وأن تكون الكتب والأشخاص عوناً على التعامل مع الحقائق الخارجية لا عقبة دونها.
تذوق كنه العلم
ومما يتصل بالأساس الأول: تذوق كنه العلم. وأنا أقصد من هذا الكتاب إلقاء أضواء أوضح على معنى العلم وتحديد كنهه، فإذا عرفنا ذلك فلن يختلط علينا ما هو علم بما هو ظن أو وهم أو هوى، وأعتبر هذا أمراً جوهرياً، فإذا فهمنا قضية واحدة - مما يقال عنه إنه علم - فهماً صحيحاً وبدقة تامة، فيمكننا أن نبحث في أية قضية أخرى على أساس الشروط نفسها التي جعلت هذه القضية علماً. وبمجرد أن نفقد العلم ندخل إلى ميدان الظن والهوى، والحب والهوى يُبطل السمع والبصر « حبُّك الشيء يعمي ويصم » (رواه أحمد وأبو داوود).
((يعرض القرآن الكريم أمثلة محددة بدهية لتكون بمثابة موطن انطلاق إلى أمور أخرى (وما يستوي الأعمى والبصير، ولا الظلمات ولا النور، ولا الظل ولا الحرور، وما يستوي الأحياء ولا الأموات) (فاطر) فكما أن الكائن الحي - في مثال الظل والحرور - يحتاج لاستمرار حياته إلى درجة معينة من الحرارة، وأنه لا يمكن أن يقول الإنسان: إن الظل والحرور سواء، فكذلك يمكن وبالقناعة نفسها أن يصل المرء إلى أن سعادة الإنسانية لا تتم إلا بتحقق العدل وأن الظلم والعدل لا يستويان … فهذا المثل القرآني ينفي منطلق السفسطائية وأن كل أمور الحياة مثل قبض الريح وأنه ليس هناك حق، وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (ومن أعظم صفات العقل معرفة التماثل والاختلاف فإذا رأى الشيئين المتماثلين علم أن هذا مثل هذا فجعل حكمهما واحداً …). الفتاوى - المجلد التاسع ص 239)).
وإذا فهمنا العلم بالأسلوب الذي شرحناه سابقاً، من ارتباط الأسباب بالنتائج وأنها ليست عقلاً بل مشاهدة ورؤية الواقع، فيمكن القول: إن الإيمان بالله واليوم الآخر علم، أي أن إيماننا بالله واليوم الآخر يقوم على أساس أسباب لها نتائج معينة، وهذه الأسباب والنتائج المترتبة عليها لا ارتباط بينهما عقلاً كأي موضوع علمي آخر، وإنما بالمشاهدة؛ أي إذا شاهدت الإيمان بالله واليوم الآخر في واقع الأرض - عالم الشهادة - يعطي نتائج إيجابية كان ذلك دليل صحة الإيمان بالله واليوم الآخر، وتضطر أن تسلم بالارتباط بينهما، فهذا الارتباط علم كعلمية أي دواء بحسب نتائجه.
ولو قلت للإنسان - مثلاً - ما مقدار التفسير العلمي لإيمانك بالشخص الذي يتكلم ، لارتبك أول الأمر لشعوره بالبداهة في هذا الموضوع، ولكن إعادة ذهنه إلى شروط علمية هذه الظاهرة في وقوع أمواج الضوء المنبعثة عن الشخص الذي أمامك على حاسة البصر وتفسير الدماغ لأمواج الضوء، ووقوع أمواج صوت المتكلم على سمعه وتفسير الدماغ لأمواج الصوت.. هو ما يزيل ارتباكه. وكذلك لما نذوق الملح ونجد طعمه فإن الدماغ يفسر أثر الملح على حاسة الذوق، كما يفسر الدماغ أثر الضوء.. وكذلك سائر ما نحس به ونشعر.
تعريف العلم
إن الذي نقول عنه إنه علم: هو ارتباط الحقيقة الخارجية - المتمثلة بأمواج صوتية وضوئية واحساسات ذوقية - بتفسير الدماغ لها.
ومن التسليم بهذا يمكن أن نقول: إن الكون ظلام وسكون مطبق فيزيائياً، وليس هناك إلا الأمواج، والدماغ هو الذي يعطي لهذه الأمواج معنى الضوء - اللون - والصوت - النغم - فالجمال الذي في الكون إنما هو من تفسير الدماغ، والجمال الأخلاقي يمكن أن نرى نتائجه كاللون والصوت في واقع الحياة.
الإيمان والعلم: (إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون)
وليست مشاهدتنا نتائج الإيمان بالله واليوم الآخر في واقع الأرض بأقل وضوحاً من حقيقة الصوت واللون. وهذا الأسلوب يعرضه القرآن في تعميم العلم، فيضرب مثل الإيمان بالله واليوم الآخر بالإيمان بالشخص ينطق أمامك؛ فحقيقة هذا مثل حقيقة ذاك. يقول الله تعالى في سورة الذاريات بعد عرض مشاهد الآفاق من الرياح والسحب والفلك واختلاف الآراء في الدين: (وفي الأرض آيات للموقنين. وفي أنفسكم أفلا تبصرون. وفي السماء رزقكم وما توعدون. فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون) فبعد الحديث عن مظاهر الطبيعة النفسية من الاختلاف في الآراء والإيمان والكفر والصدق والكذب ويوم الدين.. بعد كل هذا يبين تعالى أن الحق الموجود في رؤية الأشخاص وسماع الأصوات … موجود في الأفكار النفسية، من الإيمان والكفر. (فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون). وإذا كان تركيب معين للعناصر يؤدي إلى الحياة كالماء والأغذية، وتركيب آخر يؤدي إلى الوفاة كأكسيد النحاس وبقية السموم… فإن الإيمان بقيم معينة يؤدي إلى الحياة الكريمة وتزكية النفس والحياة الاجتماعية، والإيمان بقيم أخرى يؤدي إلى الخراب وتدسية النفس وفساد المجتمع. وهكذا يصبح الإيمان علماً عندما تكون طريقة إيماننا بالقيم السماوية كإيماننا بأي شيء محسوس (فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون) (سورة الذاريات / 23) والقرآن الكريم يلح دائماً على التأمل في الكون لتكون أدلة الإيمان بالله من عالم الشهادة..
وإن العالم يؤكد نظام القانون وثباته - أي عدم تغييره مع الزمان والمكان - نتيجة مشاهدة استمرار السنن وثباتها. والمؤمن حين يؤمن بالله يضفي على النظام والسنن معنى أعمق وأقدس لأنه ينفي عن ربه أي تحديد أو تصور معين، فهو ملك قدوس سلام مهيمن … والإيمان بأن الله ليس كمثله شيء ولم يكن له كفواً أحد - كما يأمر به الإسلام - يضع الإيمان في مكانة ترتفع إلى الكمال في التنزيه حين ينفي عنه التصور. وهذا يجعل الإيمان بالله تعالى بعيداً عن المحاكمة والمماحكة كما حدث في علم الكلام لأن ما هو فوق التصور لا يكون فيه جدال / وإنما الجدال في السلوك الإنساني الموافق للمثل الأعلى أو البعد عنه، فمن هنا لا تؤدي الشبهات العارضة إلى الكفر وإنما هو «محض إيمان» كما جاء في صحيح مسلم جواباً لمن تساءل من خلق الله؟ ولكن السلوك هو الكافر «من ترك الصلاة فقد كفر». والمسلمون عكسوا القضية، فعظموا التشكك في الاعتقاد، وتهاونوا في التقصير بالأعمال، وقال إقبال: (التوحيد ليس ضد الكثرة فقط، وإنما هو ضد الشرك). لهذا فالإيمان ليس مجرد إيمان بالله، وإنما توحيد الله في العبادة والعمل وفق سننه، وفي عيش الإنسان مع الناس في الحياة بالإيثار حيث تجد الله عند المريض الذي تعوده والجائع الذي تطعمه كما ورد في الحديث القدسي (رواه مسلم في كتاب البّر).
والإيمان ليس مجرد إيمان وإنما هو توحيد، أي جعل الإنسان مرتبطاً بالحقائق الخارجية وتحريره من عالم الأشخاص والصور الذهنية.
إن العلماء يشكون من أن العلم كملكة في البشر وكمعرفة لكنهه وتعميمه محدود الانتشار بين الناس، كما أن ظهوره بين البشر تاريخياً محدود أيضاً وحديث النشأة. إن التوحيد في مبدئه ومنتهاه إنما هو إيقاظ ملكة العلم، والخروج من الوقوف عند الأصنام والأوثان وعبادة التقليد، وتوحيد الله يأمر بالنظر إلى الوقائع الخارجية للاتصال بالحقائق الخارجية وإعطاء معنى أقدس لظاهرة الكون كعملية إبداع.
وعندما يتذوق الإنسان كنه الأمور يصبح العلم في نهاية الأمر هو الإيمان والإيمان هو العلم، والشرك هو الجهل والجهل هو الشرك (ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد) (سبأ / 6) وكما أن العلم والإيمان فريضتان، فإن الجهل والشرك ذنبان لا يغفران، عقابهما حتمي.
وإن المؤمن والعالم ليتقززان من مشاهد التزلف إلى الأشخاص وعبادتهم، سواء في مظاهرها الدينية أو السياسية، وإن لم يتذوق حلاوة العلم والتوحيد. وقد يقع البشر في الرجس الوثني الذي أمر الدين باجتنابه، ويتنزه العلم ومتذوقو العلم من اقترافه. وإذا كان المتزلفون يظنون أنهم معذورون لحماية القربى ولطلب الرزق، فإن الله نهى عن الوقوع في مثل هذا الشرك الإيماني والجهل العلمي، يقول الله تعالى: (فابتغوا عند الله الرزق) (العنكبوت / 17) والعلم يرى رزقاً حسناً من سعي حسن، يمكن أن يحصله الإنسان في مجتمع يبنيه على أساس العلم والتوحيد، وليس رزقاً مغتصباً من دماء المضطهدين الجاهلين. والذين أوتوا العلم والإيمان يرون العفة ويربئون بأنفسهم عن الشرك، فيخرجون عن عبادة العباد، ويبقون مع الناس ولكن لا يشاركون الناس في وثنيتهم. وهنا تلتقي صفات العلم مع صفات التوحيد - كما وردت في القرآن الكريم - حث يؤديان إلى موقف واحد تجاه الأحداث الاجتماعية (ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق) (سبأ / 6).
وظيفة العقل
إذا أدركنا معنى ربط الأسباب بالنتائج وأنها ليست عقلية وإنما مشاهدية، نستطيع أن نربط الإيمان بالنتائج فإذا شاهدنا الإيمان ونتائجه نكون حصلنا شروط العلم بكل محتوياته في موضوع الإيمان أيضاً، وهذا الأسلوب هو الأسلوب الذي يعرض به القرآن الإيمان على أنه علم، وإن العلماء يدركون هذا حيث يقول: (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون) (العنكبوت / 43).
إن وظيفة العقل، هي ملاحظة ارتباط الأسباب بالنتائج، وأنها ليست عقلية وإنما مشاهدية وتسليمية اضطرارية، لا دخل للعقل فيها إلا التسليم والإقرار، وإن عدم التسليم بها بعد المشاهدة نفي للعقل. ولقد فكرت في هذا الموضوع مدة طويلة، وبما أني لم أجد فيما قرأته هذا الأسلوب في التحليل، عرضت هذه الفكرة على الأستاذ مالك بن نبي - رحمه الله - لما زار دمشق في المرة الأخيرة 1972 - فقال (إن هذا ثورة في التفكير). وقد يكون كذلك إذا أدى هذا الفكر إلى مثل قوله تعالى: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار) (سورة آل عمران - الآيات 190 - 191). (أنظر السيوطي في أسباب نزول هذه الآية في كتاب أسباب النزول).
العلم هو المعجزة
وحين يصبح الدين علماً مثلما صارت الكيمياء علماً، فإن الناس سوف يكفون عن التنازع، لأن العلم يقطع الجدل، وسيكون الأمر كما قال الله تعالى: (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) (سورة الرعد / 17).
وكما بسط العلم سلطانه على الفلك، والكيمياء، والطب، فسيبسط سلطانه أيضاً على الدين، ويكون ذلك في صالح الدين الحق، وستنتهي نظريات الناس الفاسدة عن الدين، كما انتهت نظريات البشر قديماً عن الفلك والكيمياء، وستبقى حقائق الدين كما بقيت حقائق الفلك والكيمياء وسننها الثابتة، وصدق الله: (ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد) (سبأ / 6).
والعلم لا جنسية له، فكل شيء إذا صار علماً فقد أخذ طريقه إلى العالمية. إن الإنسان لا يرفض استعمال الدواء الذي كشفه عدو، ولا يحمل الحقد والكراهية للدواء الذي صار علماً، وكذلك ستصير القيم التي تدخل بوتقة العلم قيماً عالمية، وإن أصحاب القيم الذين يخافون من أن يثبت العلم فساد قيمهم هم (معتمدون حسب تعبير الغزالي)، ويمكن أن نقول عنهم: (إيديولوجيون حسب المصطلح العصري).
إن الآبائية تبرز بأسماء جديدة تشوش على الناس المفاهيم، فالصراع الأيديولوجي والاعتقادي، والمنازعات الدينية المبنية على الآبائية وعلى عالم الأشخاص، كلها تقع خارج العلم. وإن كثيراً من المؤسسات الاجتماعية على مر التاريخ، تتحول إلى عقائدية وأيدويولوجية (آبائية)؛ أي عالم أشخاص يحل محل عالم الأفكار والقوانين. فالديمقراطية ومؤسساتها في الغرب، كالبرلمانات، فقدت روحها، فهي كما يقول ويلز: (تأتي الديمقراطية إلى السلطة برجال لا يتميزون عن أي غازٍ يتسلط على البلاد أو وريث للحكم)، ومع ذلك فلها قدسية الأيديولوجية.
إن العلم طريق التوحيد للعالم، كما هو طريق توحيد الله، بينما طريق عالم الأشخاص، طريق للشرك ولتمزيق العالم وتفتيت المجتمعات أيضاً؛ فالنزاعات والعصبيات التي تمزق المجتمعات دليل على بعد الحقيقة العلمية عن تلك المجتمعات، وحلول الأوهام والخرافات والآباء والأشخاص والسلف والأحزاب والبرلمانات وسواها محل الحقيقة العلمية. ومن هنا أخذ العلم وظيفة الإعجاز، وظيفة توحيد الناس وتوحيد الله ومحو الأوهام.
الأساس الثاني: العقل ليس آلة وإنما وظيفة
يروى أن أحد أباطرة الصين لما ولي الحكم استشار فيلسوف زمانه فيما يجب أن يعمل فقال له الفيلسوف: (أول عمل ينبغي أن تقوم به هو تصحيح الأسماء). أي تحديد محتوى الأسماء حتى لا تخلو من معانيها ولا تفقد الكلمات سلطانها - أي مضامينها السننية - ولا تتحول الحياة إلى وثنية (إن هي إلا أسماء سميتموها انتم وآباؤكم ما انزل الله بها من سلطان) (سورة النجم 23).
وكلمة العقل من هذه الكلمات أو الأسماء التي تحتاج إلى تصحيح وتحديد لأنها تستخدم كثيراً في بحوث الفكر والعلم، ولأن للاتجاه العقلاني مكانه في العالم المعاصر.
إن العقل وظيفة وليس آلة أو أداة، إذ لم ترد اللفظة في القرآن الكريم إلا للدلالة على عمل وفعل، فلم ينعت الكافرين بأنهم لا عقل لهم، بل قال: (لا يعقلون)، (وقالوا: لو كنا نسمع أو نعقل) (الملك - 10).
إن العقل كالكتابة والقراءة أو كأية وظيفة أخرى يكتسبها الإنسان بالمهارة والتعلم. وحين نقول: (الكتابة)، لا يخطر في بالنا أنها آلة في الإنسان، بل ينصرف الفكر تماماً إلى أنها وظيفة قد يحصلها الإنسان أو لا يحصلها، فلا نقول عن زيد من الناس: ليست عنده كتابة. بل نقول: إنه لا يكتب، وكذلك العقل لم يرد في القرآن الكريم إلا على انه وظيفة وفعل، وإنما يطلق القرآن لفظ القلب، أو الفؤاد، أو اللب أو النهى على الأداة أو الآلة، التي تقوم بوظيفة العقل أو الربط، وإيجاد العلاقة بين الأسباب والنتائج. وإذا فقد الإنسان وظيفة ربط الأسباب بالنتائج فقدَ الوظيفة الأساسية للإنسان.
(يقول ابن تيمية " فإن العقل في لغة المسلمين عرض من الأعراض قائم بغيره وهو غريزة أو علم أو عمل بالعلم. ليس العقل في لغتهم جوهراً قائماً بنفسه.. أما المتفلسفة ففي اصطلاحهم أنه جوهر قائم بنفسه وليس هذا المعنى هو معنى العقل في لغة المسلمين …). (الجزء الثامن عشر من الفتاوى ص 338).
وفهم العقل على أنه وظيفة مثل الكتابة والسباحة وسائر المهارات الأخرى، يؤدي بنا إلى أن نرتب نظاماً لاكتساب هذه الوظيفة بأقل الجهود والأزمنة وعلى أحسن الدرجات.
فكما أننا في تطويرنا لأساليب تعليم اللغات - وهي لون من اكتساب المهارة - ننظر إلى ما تقدمه من جهد ومال ووقت، ومدى تناسبها مع ما تحصل عليه من نتائج، كذلك يجب أن نفعل في أسلوب تطويرنا لاكتساب العقل والعلم. وعن مما يؤسف له أن مناهجنا اليوم تقدم نتفاً من مسائل العلم لا يكتسب المتعلم بها روح العلم.. ومن خلال هذه المناهج يقدم الدين على أنه معارض للعلم.
وقد تذوق بعض علماء المسلمين كنه العلم وأدرك أن حقيقته ليست مجرد مسائل كثيرة تُحفظ، فالإمام مالك - رضي الله عنه - في قوله: (ليس العلم كثرة حفظ المسائل، وإنما هو نور يقذفه الله في قلب المرء). يستشرف آفاق العلم وإن لم يكن يفصل في منهج دقيق طُرق تحصيل هذا النور الذي ظهر له. والذين يدرسون الإبداع وعوامله، يسعون إلى جعله علماً مسخراً لصالح المجتمع، ومن هنا نستشرف كيف يمكن أن نعطي الإنسان هذا النور الذي يصير به الإنسان عالماً ومبدعاً، وهكذا يكون تحصيل وظيفة (التعقل).
الأساس الثالث: عدم وضع عالم الأشخاص محل السنن
يذكر مالك بن نبي في كتابه (مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي) أن الطفل يمر بثلاث مراحل، مرحلة الأشياء حين يكون الطفل في حالة لا يميز فيها زجاجة الرضاعة من ثدي أمه فهو في عالم الأشياء والحاجات العضوية، ثم يدخل الطفل عالم الأشخاص حين يبدأ يميز وجه أمه عن سائر الوجوه … كما ذكر الأستاذ مالك كيف أن الطفل يشعر بالغربة أمام باب داره، والمعاناة التي يلاقيها الطفل في الأيام الأولى من دخوله المدرسة.
وإذا كانت الخلية تحمل في جيناتها كل قدرات وميزات الأجيال الماضية في النواحي الوراثية العضوية، والاستعدادات في النواحي الثقافية بشكل مختزل.. فإن الطفل كذلك يختزل تاريخ البشرية في المراحل التي مر بها الإنسان من العوالم الثلاثة، عالم الأشياء وعالم الأشخاص وعالم الأفكار، كما يمر الطفل في مراحله الجنينية بمراحل الخلق العضوي مختزلاً تاريخ الوجود وكيف بدأ الخلق للدخول إلى فهم هذه العوالم …
عن الطفل يشعر بنفسه أمام فيض من المحيط المعقد أمامه، فهو يستعين بمحيطه وأسئلته الكثيرة التي لا تنقطع ليأخذ صورة ومفهوماً عن هذا العالم وليزيد من إدراكه لمحيطه، وهذا يدل على أن عالم الطفل عالم حافل فياض بالتكيف والتلقي والتعلم، وكل طفل يجدد هذه الظاهرة الفذة. إن عالم الطفل عالم معروض للدراسة والتعرف على الإنسان وكيف يصير إنساناً؟ وكيف يأخذ وينطبع الطفل وليكون مصنوع المجتمع وصنع أبويه، فأبواه يصنعانه، ثم هو يشارك في صنع المجتمع بدوره قلّت أو كثرت هذه المشاركة …
هذه الدراسة هي العلم المتعلق بالإنسان ومعرفة السنن التي تصنع الإنسان، وشعور الطفل الملح لأخذ صورة ومفهوم عن العالم المحيط به يجعله يستعين بالأشخاص الذين سبقوه وعايشوا هذه الحياة التي يستقبلها هو فيكوِّن الأسلاف والآباء عالم الأشخاص الذين يستعين بهم في أخذ العلم، فيحل عالم الأشخاص مكان السنن، ويحلُ تصورات الآباء الذهنية محل سنن الحقائق الخارجية، وبهذا يُحل الرجال محل السنن سنة الله، وهذا نوع من الوثنية الدينية، فلابد من تأمل هذا الموضوع. لهذا يكرر القرآن حجة المعارضين للأنبياء بأنهم وجدوا آباءهم كذلك يفعلون، فالآباء صاروا حجة وبرهاناً … وبهذا انتقل البرهان من البحث في الحقائق الخارجية إلى التصورات الذهنية للأشخاص … فالشخص الذي لم يتعلم التعامل مع الحقائق الخارجية يتحول بسهولة إلى جعل الأشخاص مصدر الإلهام للتعرف على الحقائق الخارجية … وبما أن الإنسان بحاجة إلى العلم، والعلم غير معروف أو غير متوفر لديه فإنه يضع الأشخاص مكان العلم، والكتب مكان السنن، فيضع المحراث أمام الثور كما في الأمثال …
والقرآن الكريم يعتبر هذا شركاً في العقيدة، ويعتبر الأشخاص في هذه العملية أنداداً لله حيث يصيرون مصدر الأحكام الشرعية، وهذه الأحكام خاصة بالله لا يجوز للأشخاص أن يتدخلوا بأهوائهم، لأن أحكام الله وسننه هي الحقيقة الثابتة التي لا تتغير ولا تتبدل، ووضع الأشخاص مكان سنة الله وشرعه وشرك في التوحيد.
إن هذا الفهم مهم وضروري لاستقامة الحياة واستقامة الدين، فالانحراف عن العلم يقود إلى الوقوع في الشرك، بينما توحيد الله يؤدي إلى توحيد السنة في كل ما يجري في الكون. إن وضع الأشخاص مكان الله ومكان السنة إفساد للعلم وإفساد للتوحيد ولهذا فإن الناس في المجتمعات المتخلفة والبعيدة عن الذوق العلمي يقعون في عبادة الأشخاص في مظاهرها السياسية ومظاهرها الدينية. فعبادة الأشخاص وثنية علمية ووثنية دينية. وكل الإنكار الذي يصبه القرآن على المشركين الدينين موجه إلى عبادة الأشخاص حتى لا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً. إن التزلف والخضوع والاستبعاد الذي يمارسه المجتمع الفاقد للمعرفة، يدعو إلى القرف والتقزز عند أهل العلم وأهل التوحيد. إن عالم الأوثان الذي نعيش فيه لا نجد فيه الكرامة التي تزين أهل العلم، ولا التوحيد الذي ينزه الدين عن الأوثان (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به) (الحج / 30 - 31).
إن العلم والعلماء حين يكون لهم مكان في مجتمعنا وتمتد لهم جذور وقدم راسخة في تذوق العلم، فستبرز نماذج من العلم والحلم والعزة والتواضع، نماذج من الغنى والزهد تنعش الأرواح وتشفي الجروح والقروح، وتنقذنا من الأوحال والأقذار أوحال الجاهلية وأقذار الوثنية ليتألق نجم العلم وتسطع شمس التوحيد، فنخرج من المسخ وتعود المعاني للكلمات، فتتحصن من التدليس والتمويه، وبذلك نكون قد أنقذنا أنفسنا، وزكيناها، واكتسبنا صحة نفسية وفكرية واستقامة لغوية، فيدب الانتعاش في سائر نواحي حياتنا، وتكون نظراتنا معبرة وكلماتنا موحية، فحيثما يحل العلم يحل التوحيد وتزول الثنائية والازدواجية، فيكون لنا وجه واحد لا وجهان ورب واحد يكرم بني آدم ويستقيمون إليه لا أرباب وشركاء متشاكسون يزيدوننا طغياناً ورهقاً..
هذه بعض المشكلات التي تنجم من جعل عالم الأشخاص مكان سنن العلم. فيا حبذا لو كشف لي الحجاب وتيسرت لي قراءة ما سيكتب في هذا الموضوع حين يتعافى مجتمعنا من الجهل ومعابدنا من الأوثان. إن نفوسنا القاحلة من نور العلم تعجز عن إضاءة أسباب مشكلاتنا التي أزمنت وتعفنت، وإن كلماتنا تشكو قلة رصيدها من العلم، فتأبى أن تحمل معنى شريفاً.
إن لغة العلم شفاء للنفوس المحطمة، للنفوس الظمأى إلى العافية.. فشهادة العالم مقرونة بشهادة الله وملائكته، لأن شهادة العاِلم شهادة لسنة الله (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط …) (آل عمران - 18).
ويقول الله للذين يسهرون في جوف الليل دارسين مفكرين في ملكوت السموات والأرض وما بث فيهما … يقول لهؤلاء المتتبعين لمسيرة كيف بدأ الخلق، للذين يقلبون أبصاره في آياته في الآفاق والأنفس - يقول لهم كما ورد في الحديث القدسي - (من يدعوني فأستجيب له ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له) (متفق عليه).
أيها الإنسان، هناك أهداف كريمة … هناك أشواق وأذواق … هناك عدل وإحسان … هناك علم وتوحيد … ولدى ربنا مزيد.
جانبا عالم الأشخاص
إن الأشخاص هم الذين يقدمون العلم فكيف نعتبر عالم الأشخاص عقبة أمام العلم؟ إن الأمر يكاد يكون متناقضاً، فلابد من رؤية الجانبين بدقة لنعطي كل جانب حقه.
إن إعطاء عالم الأشخاص حقه أمر جوهري جداً، ولكن الخطر أن نعطيهم كثر من حقهم. إن العالم جدير بالاحترام والتقدير، ولكن لابد أن يقف هذا الاحترام والتقدير عند حدٍ ولا يتجاوزه. فالذين يقلدون عالم الأشخاص وينزهونهم ربما لا يدركون الجانب الإيجابي الذي على أساسه ينالون التقديس.
إني أعتبر الإنسان صفراً بدون الخبرات البشرية السابقة، وربما هذا غلو في التعبير ولكنها الحقيقة إلا مع قليل جداً من الملاحظة … ولأقرب هذا الأمر أنقل هذه الكلمات التالية من كتاب (الإنسان والحضارة والمجتمع):
(إن مجموعة من بيوض النمل تحضن بشكل صحيح مع غياب نمل يافع عنها، ستنتج حشداً من النمل الذي بعدما يكبر سيمثل من جديد، وبكل التفاصيل، كل سلوك الأجيال التي لا تحصى من النوع الذي سبقه … فهل سيحدث الشيء نفسه إذا انفصلت مجموعة من الأطفال عن رقابة اليافعين وعنايتهم وتدريبهم؟ إذا افترضنا أنهم سوف يستطيعون البقاء - ولن يستطيعوه - فلا يجب أن نتوقع منهم أن يظهروا أياً من ميزات السلوك الخاصة التي كانت تميز آباءهم من قبلهم، إنهم سيكونون بلا لغة، وبلا أدوات، وبلا نار وبلا فنون، وبلا دين..).
إن الوراثة الاجتماعية التربوية التي تتمثل في نقل الخبرات المتراكمة عند الإنسان هي غير الوراثة الغريزية عند الحيوان، وهذا الاختلاف هو الذي يجعل الإنسان إنساناً.
إن أي متخصص في علم ما، يحصل في سنوات معدودة خبرات تعبت فيها الأجيال آلاف السنين، وقد يضيف بعض المتخصصين أشياء جديدة إلى هذا الجهد المتراكم، ومهما كانت الإضافة ضئيلة بالنسبة إلى ذلك الهيكل الضخم، فإن نمو الخبرات يتم بهذه الطريقة. وهذا ما يميز المجتمع البشري عن مجتمعات النمل والنحل … وإننا لو لم نعتمد على خبرات الأجيال السابقة وأردنا أن نكشف بأنفسنا كل تلك الخبرات لاحتجنا إلى عمر البشرية بل أكثر لأن هذه الخبرات خبرات عقول كثيرة. إذ لابد من قبول هذه الخبرات؛ ولكن قبولها ليس على أساس عالم الأشخاص وإنما على أساس عالم السنن …
والخلاصة أن عالم الأشخاص له دور إيجابي وآخر سلبي؛ وهو إيجابي حين ينظر إلى الأشخاص على أنهم درجة في سلم المعرفة الطويل، وسلبي حين ينظر إليهم على أنهم نهاية السلم وأنه قد توقف عندهم عطاء الله لخلقه …
وفي أيامنا هذه يدور حديث طويل حول التراث والتجديد والأصالة والمعاصرة من قبل مفكرين يشعرون بضرورة الاهتداء إلى الموقف السليم، ولعل ما قلناه يلقي على الموضوع شيئاً من النور وإن كان خافتاً.