قانون الخير والأبقى
من Jawdat Said
انظر كيف يختلط المقدس بالدنس، وكيف ننظر إلى النفعية على أنها دنس، ولا نتذكر أن النفع هو الذي سيبقى، والأقل نفعاً هو الذي سيُنسخ ويذهب جفاءً، إنه قانون الله، النفع ينسخ الأقل نفعاً، هذا القانون يحكم واقع الحياة، حتى في مستوى القلم الذي أكتب به، فإنه سيُنسخ إذا جاء ما هو خير منه وانفع، فإذا كانا متماثلين في النفع والجهد، فلا ناسخ هنا، ولا ينسخ أحد المتماثلين الآخر.
القانون العام الحاكم على كل الجهود والآراء والمعتقدات والأديان هو قانون الخير والأبقى، هو قانون الزبد، القانون الذي لا يرحم الزبد ويذهبه جفاءً في كل المستويات.
حين بحث محمد إقبال، في كتابه تجديد التفكير الديني، في موضوع القانون، أو الميزان الذي يحكم به على قيمة ثقافة ما أو حضارة أو دين، أوضح أن الميزان إنما يكون بالنظر إلى نموذج الإنسان الذي تنتجه الحضارة أو الثقافة أو الدين، ومقدار الخير الذي ينتج عن إنسان الثقافة يحكم عليها.
هذا هو الذي أريد أن أنبه إليه وأكشفه، وهو ما جاء به الأنبياء، وهو الذي سيضطر الناس راغمين إلى قبوله خلال التاريخ، سيضطرون إلى قبول الأنفع (الخير والأبقى)، وحتى الحكم على موضوع توحيد الله وأهميته؛ ينبغي أن يكون على أساس النفع الذي ينتج من التوحيد.
إن ما بحثناه حتى الآن هو موضوع التاريخ والعواقب والإحصاء على أساس الأنفع والأبقى، ولكننا لم نبحث النافع على أساس الامتداد المكاني، فما بحثناه هو الامتداد الزماني والعواقب المؤجلة، الدائمة أو الأطول بقاءً.
ينبغي أن ننبه الآن إلى أن النافع الذي نبحثه ليس هو النافع لشخص أو أسرة أو جماعة معينة، وحين يصير امتداد النافع مقتصر على هذا الأساس، فإنه بدل أن يكون النافع هو القانون للصلاح، يكون هذا النافع قانوناً لتفوق بعض الناس، فهو ينفع بعضهم ويضر أغلب الناس. هذا الفهم للنفع يكون سبباً لفساد العالم والأديان والحضارات والثقافات، ويكون النفع الذي قام على أساسه الوجود سبباً لفساد الوجود.