«فقدان التوازن الاجتماعي الفصل الرابع»: الفرق بين المراجعتين

من Jawdat Said

اذهب إلى: تصفح, ابحث
(صفحة جديدة: {{قالب:فقدان التوازن الاجتماعي}} ==الشُّعور بالمنبوذية== (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِ...)
 
(لا فرق)

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٨:٠٠، ١٧ أغسطس ٢٠٠٩

كتب جودت سعيد

كن كابن آدم


Fuqdanaltawazon.jpg
تحميل الكتاب
مقدمة وتمهيد
فقدان التوازن الاجتماعي مقدمة
الفصول
فقدان التوازن الاجتماعي الفصل الأول
الشُّعور بالمنبوذية
فقدان التوازن الاجتماعي الفصل الثاني
أثر المُبرّر
فقدان التوازن الاجتماعي الفصل الثالث
عالم الغيب وعالمَ الشهادة
فقدان التوازن الاجتماعي الفصل الرابع
بين المبدأ وضغط الواقع


الشُّعور بالمنبوذية

(وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ)

المنافقون - 8 -

ومن مناسبة حادثة خلع الجلباب، نستطيع أن نستفيد في فهم قاعدة أساسية وهي:

كيف يحدث الشعور بالمنبوذية لدى من لبس ثوباً معيناً؟

والواقع أن اللباس ليس مصدر المنبوذية، وكل ما بين المنبوذية واللباس من علاقة: هو أن اللباس ليس أكثر من مُذكِّرٍ، أو مثير لحالة المنبوذية التي وصل إليها المسلم، وشأن اقترن رنين الجرس بتقديم الطعام للمخلوق الذي تجري عليه التجربة، حتى أصبح صوت الجرس وحده كافياً لإسالة لعاب هذا المخلوق، وكذلك حين رُئيَ الإنسان المنبوذ في لباس معين، صار اللباس وحده كافياً لإثارة الشعور بالمنبوذية، مع أنه ليست بينهما علاقة سببية في الأصل.

والذي لا يتأمل هذا، يلتبس عليه الأمر، ويخضع في حياته للمنعكسات الشرطية مبتعداً عن بحث الأسباب الأصلية البعيدة، بل يصبح ألعوبة بيد من سواه، وقد جرَّب العلماء هذه الأمور في اقتران الشيء بأمر مثير له، وبينوا: كيف تتكوَّن؟ وكيف تُنسى عند الحيوان وعند البشر؟ وحددوا عدد المرات التي تنشأ بها العلاقة، أو تبطل، كما حددوا الزمن الذي ستغرقه هذا الأمر.

وعلى هذا الأساس يمكن النظر إلى الجلباب واقترانه بالشعور بالمنبوذية، فالمسلم الذي عاش منبوذاً أمداً طويلاً، صار كل شيء مرتبط به يوحي بالمنبوذية، وفي الحقيقة إن الثوب أقلّ هذه الأشياء: فالصلاة والصيام وأمور العبادة الأخرى، أشدّ من الثواب اقتراناً بالمنبوذية، حتى ليصل الأمر ببعض ضعاف النفوس ممن يشعرون بالمنبوذية أنهم يُظهرون العداء للمسلم كي يُظهروا براءتهم من المنبوذية أمام العالم!!.

والمنبوذ الحقيقي هو (مسلم اليوم)، فإذا رفعنا عنه المنبوذية - بإعادة التوازن لكيانه - فترة من الزمن نكون قد قطعنا العلاقة ما بين المنبوذية وبينه، ولا تعود الأشياء المرتبطة به تثير الشعور بالمنبوذية، ولم يعد الجلباب أو الصلاة أو الصيام أموراً يستحي منها، بل ترجع هذه الأمور المقدسة كما كانت من قبلُ مظهراً لعزة الإنسان الملتزم بها، وطالما بقي الشعور بالمنبوذية عند المسلم، فلا جدوى من تغيير شيء في أوضاعه*.

  • وللتوسع في فهم موضوع الشرط المنعكس يمكن مراجعة - مثلاً - كتاب علم النفس التربوي للدكتور أحمد زكي صالح .


  • جدول مصطلحات الشعور بالمنبوذية:

المصطلح في تجربة بافلوف في موضوع بحثنا المثير الطبيعي الطعام حالة التردي (التخلف) التي وصل إليها مسلمو اليوم المثير الاصطناعي دقات الجرس التي ترافق تقديم الطعام للمخلوق الجلباب - الصلاة - الصوم … الاستجابة سيلان لعاب المخلوق الذي تجري عليه التجربة المنبوذية - والشعور بها الانطفاء عدم سيلان لعاب المخلوق عند سماعه رنين الجرس عدم الشعور بالمنبوذية عند رؤية أو عند لبس الجلباب، أو القيام بالفرائض سبب الانطفاء إذا استخدمنا الجرس عدة مرات متتالية دون تقديم الطعام للمخلوق إعادة التوازن لكيان المسلم وذلك بتغيير ما بنفسه …


وهذا ما بيَّنه مالك بن نبي - رحمه الله - في كتابه (في مهب المعركة) حين تحدّث عن المرأة، وفرّق ما بين التهور والتطوّر، واعتبر المظهر ليس كافياً للتطوير الحقيقي، لا للرجل ولا للمرأة، وأنه لا بدّ من تغييرٍ جذريٍّ في النفس على أساس قواعد مُقررة في علم النفس والاجتماع.

فإذا غيرَّنا النفس، ورفعنا الشعور بالمنبوذية الذي اقترن بلباس معين، يمكن للباس نفسه أن يثير الشعور بالكرامة الذي أصبح يملأ نفس المسلم، فهذا معنى ما يقال: « ينبغي أن لا تحجب ظاهرة شكلية عنَّا مشكلةً حقيقةً، أو موضوعاً جوهرياً، كما تحجب عنا الشكلية الظاهرية لحركة الشمس الحقيقة الموضوعية من حركة الأرض حول الشمس … ».

والظاهرة الشكلية في موضوعنا هنا، هي بعض الأوضاع التي تلابس الحقيقة الجوهرية، فكلٌّ من التخلُّف أو النموّ، أو الشعور بالأناقة، يمكن أن تلابسها مظاهر شكلية، كاللغة، واللباس، والقوم، وما أشبه ذلك، فهذه ليست أموراً جوهرية، وتحصيلها أو التزيُّن بها لا تجعل الإنسان يحصل المضمون الحقيقي.

فينبغي أن نتوجه أولاً إلى إعادة التوازن لكيان هذا الإنسان حتى نخلصه من المشكلات الكثيرة المتعدّدة التي لا تُحصى، سواء أكانت موجودة الآن أم لم توجد بعدُ.

كما وقعنا في المشكلة نفسها من جانب آخر حين ظننَّا أننا قد صرنا مُكرمين حين لبسنا ثوب الذين يشعرون بالكرامة، فالفرار من خطأ، أوقعنا في خطأ لا يقلّ عنه، فصرنا بذلك كالمستجير من الرمضاء بالنار، وكل سعينا كان في ضلال، لأننا لم نبدأ من حيث أمرنا الله أن نبدأ بع عندما نريد أن نغير شيئاً ما، ألا وهو ما بالنفس …. وصدق الله تعالى إذ يقول:

(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

جودت سعيد

يوم الاثنين 18 جمادى الأولى 1388 هـ

12 آب 1968م