شبهة إرعاب المسلمين
من Jawdat Said
الشبهة التاسعة: شبهة إرعاب المسلمين
قولهم: إن هذه الطريقة تلقي الرعب في قلوب الناس وتجعلهم يبتعدون عن دعاتهم ولا يتقربون إليهم. هذه الشبهة تتضمن الاهتمام بالناس وعدم تنفيرهم، أو عمل حساب موقف عامة الأمة من الإسلام.
أما الاهتمام بالناس والبحث في العوامل الحقيقية التي تجعلهم خارج الصراع في النزاع، فهذا الاهتمام شيء ضروري وعمل حسابهم أمر لا بد منه، فإن مشكلة المشكلات أن عامة المسلمين، بعيدون عن أن يكونوا مع الإسلام بصورة أكثر نفعاً، وبعمل أكثر جدوى، فلا حرج من عمل حسابهم والتفكير في الطريقة المجدية لتحريكهم، لن المرض الحقيقي في جهل عامة الأمة، وعجزهم الذي يعكس حيرة المشرفين على توجيههم وتعليمهم، وإرشادهم إلى الطريقة التي يمكن بها أن يثبتوا ذواتهم.
ويمكن أن نقول: ليس لنا عدو اخطر من هذا التبلُّد الفكري وهذه الثقافة الفكرية، التي تنشئ الفرد في الأمة بهذه العطالة.
فبلا بد من التفكير في إخراج المسلم عن عطالته، ومن الشعور بعدم جدواه وجدوى عمله.
ويمكن أن يقال: إن الذي ضاعف من ثقل وطأة المحن التي نزلت بالدعاة، أنهم من غير مدد من عامة الأمة، فكانوا في الصراع منفردين، غير مدعمين إلا بشيء من العاطفة العاطلة الميتة، وفي كثير من الأحيان، يصدق عليهم قول الآخر: قلوبهم معك وسيوفهم عليك.
ولا نقول أيضاً: إننا مخلصون لله ولا نبالي، فحسبنا هذا الإخلاص في العمل، فإن الإخلاص في العمل على سنة الله في إنجاح الأمور لا تعارض بينهما، بل الإخلاص في العمل وفق سنة الله: هذا الاقتران هو الذي يأتي بأعظم الثمرات.
ومما يدل على اختلاط الأمور والتباسها التباساً شديداً، أن تكون مثل هذه الشبهة واردة على مثل هذه الطريقة، بينما نرى الأمر بالعكس، فنحن نرى أن محور الموضوع كله، يدور حول هذا، أي أن سبب خوف الناس وانفصالهم عن الدعوة إلى الإسلام هو ما اقترن بالدعوة من أعمال العنف التي تجعل المحنة قاسية غير مجدية. ومحور البحث فيما كتبناه كله هو ما نعتقده:
من أن المسلم يستطيع أن يثبت على إسلامه، ويستطيع أن يصبر وأن يدخل في العمل بشجاعة، إذا كانت التهمة الموجهة إليه أنه مسلم، أكثر مما ستطيع أن يصبر إذا كانت تهمته أنه يريد أن يعمل انقلاباً.
ولا يكفي أن يكون المسلم ظانّاً أنه إنما تنزل به المحن لأنه مسلم، لأن الناس لا يرون هذا فكما أنت تنظر إلى الموضوع كذلك ينظر الذي يعارضك إلى الجانب الآخر، ويريد أن يجردك من أن يكون سبب المحنة: الإسلام، ولو لم يكن شعر برصيد، ولولا إمكانية تصديق هذا لما اعتمد عليه.
فما علينا إلا أن نجرده من هذا الرصيد، ومن هذه الدعوة، حتى يقف أمام الإسلام وجهاً لوجه.
وفي الوقت الذي نسلبه الحجة ـ التي نساهم في صنعها ـ سيقف أمام الإسلام وجهاً لوجه، فنكون بهذا قد غيرنا من أنفسنا، وغيرنا من موقف غيرنا، وعلى ألا يمكن أن نقول: إننا نحمل شيئاً من الوزر في عدم إتاحة الفرصة للآخرين، ليراجعوا ضمائرهم.