«سخر لكم ما في السموات وما في الأرض»: الفرق بين المراجعتين

من Jawdat Said

اذهب إلى: تصفح, ابحث
(صفحة جديدة: {{اقرأ وربك الأكرم}} ===وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون=== ...)
 
 
سطر ٦: سطر ٦:
  
 
====1 - مقام النيابة الإلهية====
 
====1 - مقام النيابة الإلهية====
في هذه الآية مكانة الإنسان الحقيقية أو كما يقول إقبال: (مقام النيابة الإلهية)، فإذا كان ما في السموات والأرض جميعاً مسخراً لخدمة الإنسان، فإن نائب الحق - الإنسان - يأمر هذه الأشياء فتطيعه حين يحقق شروطها. إن الإنسان يأمر آلة يصنعها للسفر إلى الكواكب، فتذهب وتنفذ الأوامر وتعطي المعلومات، وتعود، إن هو أمرها بذلك. إنها عينة من أبجدية التسخير وأفق من آفاق العلم...
+
في هذه الآية مكانة الإنسان الحقيقية أو كما يقول [[:تصنيف:محمد إقبال|إقبال]]: (مقام النيابة الإلهية)، فإذا كان ما في السموات والأرض جميعاً مسخراً لخدمة الإنسان، فإن نائب الحق - الإنسان - يأمر هذه الأشياء فتطيعه حين يحقق شروطها. إن الإنسان يأمر آلة يصنعها للسفر إلى الكواكب، فتذهب وتنفذ الأوامر وتعطي المعلومات، وتعود، إن هو أمرها بذلك. إنها عينة من أبجدية التسخير وأفق من آفاق العلم...
  
 
====2 - تنامي التسخير====
 
====2 - تنامي التسخير====
سطر ١٣: سطر ١٣:
 
ونحن لا نرى ما سخر لنا من الدواب والأنهار والفلك، ونرى كيف أن تسخيرها يتنامى مع الزمن، ومن رأى كيف بدأ الخلق يعلم كيف يتضاعف التسخير، وتلوح له ملامح النشأة الآخرة، فيكون الأمر كما قال جلال الدين الرومي، عن الذي يمشي وراء مسك الغزال: يمشي حيناً على تتبع الأثر ثم يبدأ يتبع رائحة المسك، ومرحلة من هذا تساوي مرحلة من ذلك.
 
ونحن لا نرى ما سخر لنا من الدواب والأنهار والفلك، ونرى كيف أن تسخيرها يتنامى مع الزمن، ومن رأى كيف بدأ الخلق يعلم كيف يتضاعف التسخير، وتلوح له ملامح النشأة الآخرة، فيكون الأمر كما قال جلال الدين الرومي، عن الذي يمشي وراء مسك الغزال: يمشي حيناً على تتبع الأثر ثم يبدأ يتبع رائحة المسك، ومرحلة من هذا تساوي مرحلة من ذلك.
  
إن السلطان هو العلم، والنفوذ من أقطار المسخرات لا يتم إلا بالسلطان. وكما اخترقت الطائرات حاجز الصوت، فبالسلطان سيخترق حاجز الضوء، الذي أقامه انشتاين كعقبة أمام سلطان الإنسان. يقول محمد إقبال: إني استفدت من معراج الرسول : أن الإنسان ليس بعيداً عن السماء.
+
إن السلطان هو العلم، والنفوذ من أقطار المسخرات لا يتم إلا بالسلطان. وكما اخترقت الطائرات حاجز الصوت، فبالسلطان سيخترق حاجز الضوء، الذي أقامه انشتاين كعقبة أمام سلطان الإنسان. يقول محمد [[:تصنيف:محمد إقبال|إقبال]]: إني استفدت من معراج الرسول : أن الإنسان ليس بعيداً عن السماء.
  
 
====3 - التسخير تسخيران====
 
====3 - التسخير تسخيران====
سطر ٢١: سطر ٢١:
  
 
====الإنسان والدنيا====
 
====الإنسان والدنيا====
وإلى يومنا هذا نقدر درجة تقدم الحضارة بمقدار الدخل السنوي للفرد ونصيبه من الحاجات الأساسية والكمالية. ولكن الرقي الحقيقي (التقوى)، أن يكون الإنسان قادراً على نهي النفس عن الهوى. وينبغي أن ننبه هنا إلى أن الذي ينكره القرآن ليس التسخير والتمتع بالطيبات (قل من حرَّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق. قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة لهم يوم القيامة) (الأعراف / 32)، (قل إنما حرَّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن) (العراف / 33). ونحن نقول هنا ما قاله إقبال: ليس القصد أن لا يملك الإنسان الدنيا، ولكن أن لا تملك الدنيا الإنسان، أي أن لا تتحول الوسائل إلى أهداف ويصف إقبال المؤمن بقوله:
+
وإلى يومنا هذا نقدر درجة تقدم الحضارة بمقدار الدخل السنوي للفرد ونصيبه من الحاجات الأساسية والكمالية. ولكن الرقي الحقيقي (التقوى)، أن يكون الإنسان قادراً على نهي النفس عن الهوى. وينبغي أن ننبه هنا إلى أن الذي ينكره القرآن ليس التسخير والتمتع بالطيبات (قل من حرَّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق. قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة لهم يوم القيامة) (الأعراف / 32)، (قل إنما حرَّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن) (العراف / 33). ونحن نقول هنا ما قاله [[:تصنيف:محمد إقبال|إقبال]]: ليس القصد أن لا يملك الإنسان الدنيا، ولكن أن لا تملك الدنيا الإنسان، أي أن لا تتحول الوسائل إلى أهداف ويصف [[:تصنيف:محمد إقبال|إقبال]] المؤمن بقوله:
 
وترى الدنيا انطوت في كسبه ليس منها ذرة في قلبه
 
وترى الدنيا انطوت في كسبه ليس منها ذرة في قلبه
 
ومن هنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم « ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تفتح لكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كم أهلكت من قبلكم » فالحضارات كلها انتحرت على هذا المنزلق، وقليل من الأفراد ينجون في الظروف الراهنة للبشرية.
 
ومن هنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم « ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تفتح لكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كم أهلكت من قبلكم » فالحضارات كلها انتحرت على هذا المنزلق، وقليل من الأفراد ينجون في الظروف الراهنة للبشرية.
سطر ٥١: سطر ٥١:
 
[[تصنيف:اقرأ وربك الأكرم]]
 
[[تصنيف:اقرأ وربك الأكرم]]
 
[[تصنيف:الأجنة القرآنية]]
 
[[تصنيف:الأجنة القرآنية]]
 +
[[تصنيف:محمد إقبال]]

المراجعة الحالية بتاريخ ١٠:٢٥، ٢٢ مايو ٢٠٠٨

كتب جودت سعيد

اقرأ وربك الأكرم


Change.gif
لتحميل الكتاب
مقدمة
مدخل
الفصول
الفصل الأول، مراتب الوجود
المرتبة الثالثة:الوجود اللفظي
المرتبة الرابعة: التعليم بالقلم
المرتبة الخامسة: الوجود السنني
الفصل الثاني، العلم
دليل العلم
الموقف العلمي
العلم والتوحيد
الفصل الثالث، الأجنة القرآنية
سيروا في الأرض فانظروا
سنريهم آياتنا في الآفاق
سخر لكم ما في السموات
إن الذين آمنوا والذين هادوا
خاتمة



وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون

(الجاثية - 13)

هذه الآية من المقامات المحمودة التي رفع الله الإنسان إليها، ومن درجات التكريم التي وهبها إياه حين قال: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات) (الإسراء / 70).

1 - مقام النيابة الإلهية

في هذه الآية مكانة الإنسان الحقيقية أو كما يقول إقبال: (مقام النيابة الإلهية)، فإذا كان ما في السموات والأرض جميعاً مسخراً لخدمة الإنسان، فإن نائب الحق - الإنسان - يأمر هذه الأشياء فتطيعه حين يحقق شروطها. إن الإنسان يأمر آلة يصنعها للسفر إلى الكواكب، فتذهب وتنفذ الأوامر وتعطي المعلومات، وتعود، إن هو أمرها بذلك. إنها عينة من أبجدية التسخير وأفق من آفاق العلم...

2 - تنامي التسخير

إن التسخير هو الوصول بالعلم - المعرفة النظرية للقانون والسنة - إلى أقصى غاياته، لخدمة الإنسان في حياته العملية اليومية، ويمكن أن نرى ذلك في مثل القراءة والكتابة وتطورهما. فقد عرفهما الإنسان منذ خمسة آلاف عام، وأخذ تسخيره لهما يزداد مع اختراع الورق منذ حوالي 1500 عام، ثم مع اختراع الطباعة، فاختراع الحاسب الإلكتروني ووسائل خزن المعلومات الأخرى حديثاً، ومع ذلك لا زال تسخير القراءة والكتابة قاصراً عن مداه.

ونحن لا نرى ما سخر لنا من الدواب والأنهار والفلك، ونرى كيف أن تسخيرها يتنامى مع الزمن، ومن رأى كيف بدأ الخلق يعلم كيف يتضاعف التسخير، وتلوح له ملامح النشأة الآخرة، فيكون الأمر كما قال جلال الدين الرومي، عن الذي يمشي وراء مسك الغزال: يمشي حيناً على تتبع الأثر ثم يبدأ يتبع رائحة المسك، ومرحلة من هذا تساوي مرحلة من ذلك.

إن السلطان هو العلم، والنفوذ من أقطار المسخرات لا يتم إلا بالسلطان. وكما اخترقت الطائرات حاجز الصوت، فبالسلطان سيخترق حاجز الضوء، الذي أقامه انشتاين كعقبة أمام سلطان الإنسان. يقول محمد إقبال: إني استفدت من معراج الرسول : أن الإنسان ليس بعيداً عن السماء.

3 - التسخير تسخيران

إن التسخير تسخيران؛ تسخير عالم الآفاق، وتسخير عالم الأنفس. إن تسخير عالم الإنسان - الأنفس - أصعب التسخيرين، وأبعدهما من الإخضاع، ولهذا أنكر المنكرون، ولا سيما الغربيون، أن تكون الشؤون الإنسانية خاضعة للعلم.

وحتى لا يقتصر معنى التسخير على الآفاق فقط، لا بد من إشارات إلى أن التسخير الحقيقي، والعلم اليقيني الجدير باسم العلم، إنما هو العلم المتعلق بالإنسان - الأنفس - وسير المجتمعات، وهذا الاتجاه واضح مكرر في القرآن كثيراً. وإن أهداف الحضارة اليوم تناقض أهداف القرآن؛ لأنها لا تليق بالإنسان ولا تحقق إنسانيته، فمثلاً يعلن القرآن بالوضوح والصراحة الكاملة: أن كثرة الموال والأولاد ليست هي التي تقرب من الله (وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى) (سبأ / 37)، ويُسفه قول القائل: (أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً) (الكهف / 34)؛ والمال والنفر في هذه الآية يقابلان الجانب الاقتصادي والعسكري.

الإنسان والدنيا

وإلى يومنا هذا نقدر درجة تقدم الحضارة بمقدار الدخل السنوي للفرد ونصيبه من الحاجات الأساسية والكمالية. ولكن الرقي الحقيقي (التقوى)، أن يكون الإنسان قادراً على نهي النفس عن الهوى. وينبغي أن ننبه هنا إلى أن الذي ينكره القرآن ليس التسخير والتمتع بالطيبات (قل من حرَّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق. قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة لهم يوم القيامة) (الأعراف / 32)، (قل إنما حرَّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن) (العراف / 33). ونحن نقول هنا ما قاله إقبال: ليس القصد أن لا يملك الإنسان الدنيا، ولكن أن لا تملك الدنيا الإنسان، أي أن لا تتحول الوسائل إلى أهداف ويصف إقبال المؤمن بقوله: وترى الدنيا انطوت في كسبه ليس منها ذرة في قلبه ومن هنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم « ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تفتح لكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كم أهلكت من قبلكم » فالحضارات كلها انتحرت على هذا المنزلق، وقليل من الأفراد ينجون في الظروف الراهنة للبشرية.

قف عند هذه النقطة، وتأمل جيداً حتى لا تكون كالتي نقضت غزلها أنكاثاً. وتوينبي حام حول هذا الموضوع في أماكن متعددة من كتابه (دراسة التاريخ) وبحث طبيعة ارتقاء الحضارات، تحت عنوان (الدروب الخادعة). قال: (هل يقاس الارتقاء وفقاً لسيطرة متزايدة على بيئة المجتمع الخارجي؟ إن ثمة نوعين من مثل هذه السيطرة المتزايدة؛ سيطرة متزايدة على البيئة البشرية التي تتخذ عادة شكل غزو الشعوب المجاورة، وسيطرة متزايدة على البيئة المادية، تعبر عن نفسها بتحسينات في الأسلوب التكنولوجي المادي، ويورد أمثلة لبيان أن أياً من هاتين الظاهرتين - سواء التوسع السياسي والحربي أو تحسين الأسلوب الفني - لا يعتبره قاعدة مناسبة لقياس ارتقاء الإنسان الحقيقي؛ فإن التوسع الحربي التكنولوجي عادة، نتيجة نزعة حربية تعتبر بدورها قرينة للتدهور، ولا تبدي التحسينات التكنولوجية سواء كانت زراعية أم صناعية، سوى ارتباط قليل، أولا شيء البتة، بينها وبين الارتقاء الصحيح).

توينبي والارتقاء الحقيقي

ويذكر توينبي أن هذا الموضوع اختلط على (ويلز) فيقول: (إنه فشل لسبب مَدارُه: إخفاقه في تحويل ركازه الروحي - كلما اتصل سياق روايته - من الناحية الكونية إلى الإنسانية).

كما يذكر توينبي، الفراعنة الذين بنوا الأهرامات، وكيف أن الموت ألقى يده الباردة على حياة حضارتهم النامية، في اللحظة التي تحول عندها التحدي، من الميدان الخارجي إلى الداخلي، حينما استغلوا نجاحهم الاقتصادي الزراعي، الفني، في بناء الأهرامات، كما يستغل اليوم التقدم الاقتصادي والفني - بعد أربعين قرناً من ذاك التاريخ - في بناء الترسانات النووية وسباق التسلح (1).

كما يذكر توينبي أن مبادئ غاندي ولينين، انحدرت إلى طرائق (فورد) الأمريكي. ومما يدل على هذا الانحدار، أن وزير خارجية الصين في زيارته الأولى في نهاية عام 1985 لبعض البلاد العربية، كان يغير بذلته الأوروبية من يوم لآخر، بينما كان ماو وشوئنلاي، يحتفظان ببذلة العمل الصيني، ذات الياقة الواقفة.

مسؤولية الإنسان

إن موضوع التسخير موضوع مهم، ومع أهمية هذه الآية الكريمة التي ترفع الإنسان إلى المقام الكريم، نجد خطورة الوقوع في المنحدر العميق. وإذا تذكرنا أن المسؤولية تزداد كلما ازدادت النعمة، نتذكر أن المسؤولية التي تقابل (سخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه) مسؤولية تبدو لا نهائية، بل يراها كثير من الناس مسؤولية مستحيلة. ويلوح أن توينبي من بين من يرون هذا الرأي، حيث يذكر كثيراً أنه لا يمكن أخذ التكنولوجيا الغربية بدون التلوث بمبادئها الأخلاقية، فمن هذا الجانب نجد توينبي يقف موقف عامة مشايخنا التقليدي من الحضارة الغربية، فهو يكاد يميل إلى الجواب الذي أجيب به طائفة البيت العتيق وهو ينشد: أهوى هوى الدين واللذات تعجبني فكيف لي بهوى اللذات والدين فأجابه أحدهم قائلاً: دع ما شئت وخذ أحدهما، يعني لا يمكن الجمع بينهما.

ولكن، نحن الذين نتمسك بحبل الله والأمل الذي وُضع في هذا الإنسان، بأن الله يعلم فيه غير ما علمته الملائكة، وهذا العلم وهذا الأمل، يجعلنا واثقين من أن الإنسان سيثبت جدارته في تجاوز التهمة، وقد علمنا الله في كتابه أن التاريخ مصدر صحيح للعلم، وعلمنا أيضاً أن التاريخ ليس هو الماضي فحسب، بل هو الآتي أيضاً، وأن ما أخفق فيه الماضون ليس لزاماً أن يخفق فيه الآتون؛ لهذا القرآن يحول صدق وأدلة أحكامه إلى المستقبل حين لا يكون الماضي كافياً للدلالة: (اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون) (هود / 122)، (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) (فصلت / 53).

وموضوع العلاقة السليمة بين (آيات الآفاق والأنفس)، أو بين (الدنيا والآخرة)، أو بين (الأصالة والمعاصرة)، أو بين (الأخلاق والسياسة)، أو بين (التوحيد والشرك)، أو بين (أن تسيطر على الدنيا أو تسيطر الدنيا عليك).. هو لب القرآن ومحور اهتمامه.

في سورة الفجر يقول الله تعالى: (ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد) (الفجر / 14).

هذا هو الذي قال عنه توينبي: « لقد جابه الفراعنة المعضلة نفسها.. حين أخضعوا الماء والتربة لإرادة البشر: هل استخدم حاكم هذه السيطرة في رفع شأن رعاياه أم رفاه حفنته؟.. لقد شيد سيد مصر الأهرامات، وعقاباً لهم على سوء اختيارهم ألقى الموت يده الباردة على حياة هذه الحضارة النامية، في اللحظة التي تحول عندها التحدي من الميدان الخارجي إلى الميدان الداخلي » من التكنولوجيا إلى سيكولوجيا العدل والإحسان.

(كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين. كذلك أورثناها قوماً آخرين. فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) (الدخان / 25 - 29)