اللاشعور والشعور
من Jawdat Said
يمكن أن يقال بوجه من الوجوه إن الإخلاص والصواب يقابلان (اللاشعور والشعور). فاللاشعور: هو الميل أو النفور الذي يجده الإنسان في نفسه دون معرفة سببه. والشعور: هو الوعي.
وفهم اللاشعور أصعب من فهم الشعور وخاصة بسبب ما يقوم به في النفس، بما يتصل بالمسؤولية وعدمها؛ فإثباته يجعل أمام الإنسان إشكالاً في هذا الجانب إلى ما يضاف إليه من غموض إدراكه. وقد وصف ابن تيمية اللاشعور وصفاً دقيقاً كظاهرة من الظواهر فقال: (...إن الإنسان قد يقوم بنفسه من العلوم والرادات وغيرها من الصفات مالا يعلم أنه قائم بنفسه، فإن قيام الصفة بالنفس غير شعور صاحبها بأنها قامت به، فوجود الشيء في الإنسان غير شعور الإنسان به) ابن تيمية - الفتاوى - جـ 16 - ص 343.
وهذا وصف دقيق لظاهرة اللاشعور. ويطيل البحث في إثبات الظاهرة ويقارن حاسة الشعور بحاسة البصر ولكنه - رحمه الله - ل يبحث الموضوع 0 فيما أعلم - من ناحية المسؤولية ولا كيف يتكون عند الإنسان، كما لا يبحثه من الجانب الاجتماعي وإنما يتناوله كظاهرة تحدث للإنسان.
وينبغي أن نعلم أن اللاشعور هو في أصله شعور تحوَّل إلى لاشعور إما بالنسيان أو بالإيحاء للفرد دون شعور منه، وقد يكون في مرحلة الطفولة أكثر ما يكون، كما يمكن أن يحدث بالتنويم المغناطيسي. وبهذا نعلم أنه لا يوجد لاشعور إلا وكان يوماً ما شعوراً ولو عند شخص آخر، حيث أنه لا يشترط أن يكونا في رجل واحد.
ويمكن أن نلاحظ هذه الحالة من قوله تعالى:
﴿وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا: إنما نحن مصلحون. ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون﴾ (سورة البقرة: الآيتان 11،12).
وإن وظيفة التغيير لما بالأنفس يشمل الشعور واللاشعور أيضاً، فالفرد قد يتمكن وقد لا يتمكن من كشف لاشعوره كما لاحظ ذلك ابن تيمية، وقد لا يتمكن من تغييره لأنه يحتاج إلى شروط اجتماعية. ولكن المجتمع يمكن أن يقوم بمثل هذه الوظيفة إذا تعلَّم كيف يقوم بها، وقد لا يتعلم ذلك فلا يتدخل، فيحدث التغيير دون إشراف واعٍ، أما إلى خير وإما إلى شر لأنه خرج من سلطان الوعي. وهذا ما يمكن أن يفسر به سبب انهيار الحضارات حيث يكف المجتمع عن السيطرة على تغيير ما بالأعماق. وقد لاحظ هذه النقطة ابن خلدون دون أن يدرك إمكانية التدخل من المجتمع للسيطرة عليه. ولا يشترط أن يكون عند كل فرد الوعي لهذا الموضوع، ولكن لابد من الكتلة الحرجة - الفرض الكفائي - من الأفراد للإشراف على سلامة المجتمع من هذا الجانب.
ويمكن أن يفهم مصطلحاً الانفعال والفعل على ضوء اللاشعور والشعور؛ لأن الانفعال نتيجة اللاشعور، والفعل نتيجة الشعور. ولا يفهم مما تقدم أن الإخلاص يكون في اللاشعور فقط بل يمر في الشعور، ولكن غالباً ما يكون في اللاشعور، فإن معظم الأمة تخلص لمثلها الأعلى دون وعي دقيق، وهذا ليس عيباً - على الإطلاق - والعيب ألا يوجد من الواعين ما يسد الحاجة في هذا الموضوع.
جدول مصطلحات الإخلاص والصواب | ||||||||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
الإخلاص والصواب • إياك نعبد وإياك نستعين • لا إله إلا الله، محمد رسول الله • الغاية والوسيلة • لماذا وكيف • البواعث المعللة والطرق التنفيذية • الموثوق والمضطلع • العدل الضابط • الأمانة والقوة • الحفيظ العليم • القاعدة والقمة • اللاشعور والشعور • العاطفة والفكر • الأخلاق والعلم • القلب والعقل • مصطلحات أخرى |