القرآن يراهن على المستقبل

من Jawdat Said

مراجعة ١٥:١٥، ٢٩ يوليو ٢٠٠٧ بواسطة Ziwar (نقاش | مساهمات)

(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح, ابحث

جودت سعيد. مقالات ((مجلة المجلة))

كيف نعيد صلتنا بالقرآن و النبوات. بدء المشكلة من الإنسان وفهم الإنسان من التاريخ كيف كان وكيف صار وإلى أين يتوجه، الإنسان له قدرة على الانتحار والإنسان يلجأ إلى ذلك حين يفقد القدرة على التكيف مع المجتمع، إن المجتمع هو صانع الإنسان إنه يأتي إلى هذا الوجود وليس يملك شيئا سوى الاستعداد للتلقي فإذا كان المجتمع له القدرة على أن يجعل الإنسان ينتحر لم يبق شيء لا يقدر عليه المجتمع في تصنيع الإنسان، ولكن المجتمع من أين يأتي وكيف يتعلم وما العلاقة بين المجتمع والفرد الذي ينشأ فيه وما مقدار حرية الفرد في معارضة المجتمع، الإنسان كائن اجتماعي حتى طول مرحلة الطفولة عند الإنسان واعتماده على أبويه ومحيطه الاجتماعي الذي يمده بالخبرات التي كسبتها الأسرة والعشيرة والقوم والإنسان هذا الاعتماد ساحق وماحق، وإلا كيف نفسر المجتمع الإسلامي المسلمون على اختلاف بلدانهم كيف يخضعون لِتشابه كبير بحيث جميعهم دون شذوذ لا يتمكنون من التكيف مع العالم الجديد لا قدرة لهم على التعاون أو الوقوف وإثبات الذات أمام العالم، إذا كان الفرد مصنوع المجتمع فإن الأفراد أيضا يرفدون المجتمع، وكان يحدث ذلك ببطء شديد وعزلة والتواصل مع المجتمعات كانت محدودة حتى أن الحضارة الصينية كانت معزولة عن الحضارة الفرعونية المصرية ولم يكن بينهم تواصل حتى ظاهرة السور العظيم للصين دليل الحماية الذاتية وهذا النوع من الانغلاق كان يجعل تطور البشر واكتساب الخبرات بطيئاً مضنياً فالمصريون بنوا الأهرامات ولكن الصينيين أهراماتهم كانت مقلوبة وإمكان استخدام النار والقدرة على إشعالها لم تدخل في حياة البشر إلا بمعاناة شديدة وطويلة وكذلك الزراعة، إن القانون الذي يحكم البشر قانون المنفعة لأن النافع يبقى والأقل نفعاً يذهب وينسخ والتواصل بين المجتمعات تقوم بتبادل الخبرات النافعة فانتقال صناعة الورق من الصين إلى العرب ثم إلى أوربا يبين أهمية التواصل وأهمية الوحدة البشرية في صيرورتها إلى النمو فإذا عرفنا الماضي وكيف كان يحدث ما يحدث سنعرف ما نحن فيه وهذا يجعلنا نتنبأ بما سيحدث، وتتسارع الأحداث والإنسان عاش طويلاً جداً قبل أن يتعلم الزراعة واستئناس الحيوان ولكن انتقال الإنسان إلى طاقة البخار والنار قلب المفاهيم وإلى الآن البشرية لم تتمكن من نقل الخبرة الإنسانية كيف تكونت إلى الأجيال فعدم وضوح هذه المسيرة البشرية هو الذي يجعل بعض الناس يستبعدون البعض الآخر وغموض التاريخ البشري هو الذي يمكن من بقاء الاستكبار والاستضعاف، وإلا كيف عدد قليل من البشر يجعلهم قادرين على أن يتحكموا في العدد الضخم من البشر!!. إن غياب المعلومة الواضحة البينة يجعل الإنسان غير قادر على التكيف إن بطء النمو في التاريخ الماضي يجعل الناس غير قادرين على تصور المستقبل وإمكان تغير الأحوال كم نحن عاجزون على نقل المعرفة بوضوح إلى الناس العاديين لنجعلهم فعالين نشيطين يتحركون بتصميم من غير أن يقعوا في الشك والحيرة في جدوى سعيهم إن إغلاق باب الأمل يعطل الجهود بل إنني أشعر بمأساة من أننا نحن لا نملك الضوء الذي نتمكن به من الخروج من ظلام الحيرة والقنوط والاستسلام إلى الأمل المشرق الحي المتألق الدؤوب بتصميم مكين إننا نفقد الفهم ونفتقد الوضوح فالأمر كما قال عيسى عليه السلام: إذا كان النور الذي فيك ظلاماً فالظلام كم يكون.

فنحن دخلنا الظلام من يوم صفين وفقدنا الإنسان وفقدنا أنفسنا والسيطرة على مصيرنا ورجعنا خاسئين خاسرين ربما لم يكن الأمر شديد الوطأة في أول الأمر حيث كانوا لا يزالون مسيطرين على العالم المعاصر لهم بقوة الدفع الأول فقد ظلت مسيرة السيطرة مستمرة من غير انشقاق المجتمع بعد إنشقاقهم عن الرشد وعودتهم إلى الغي فلم يحدث أن انشق الجسد السياسي إلا بعد ظهور العباسيين فكان الانشقاق في الجسد السياسي فحدثت دولتان عباسية في آسيا وإفريقيا وأموية في أوربا الأندلس، ولكن النكسة الإنسانية نكسة صفين والطلاق الذي حصل مع الرشد ظل مستمراً فبدأت الإنشقاقات في العباسيين وسيطر الجند على السلاطين في المشرق والمغرب إلى أن غابت الفكرة وبزغ الصنم بشكل فاقع واستمرت الأمور مع سيطرة العسكر وانحسر الفكر حيث القانون الذي كشفه مالك بن نبي حين تغيب الفكرة يبرز الصنم صنم القوة والعسكر والأداة لأن العقل غاب وعادت شريعة الغاب, يتبادلون الغدر والخيانة فلم يعد أحداً يأمن أحداً لأننا نبذنا الميثاق وراء ظهورنا بحيث لا يثق أحد بأحد ويمكن أن نقول إن الانشقاق الأعظم الذي حدث والتحول الكبير حين خرجنا من الرشد والرشاد وضيعنا السبيل إليه بحيث لا قدرة لنا على كشفه ورؤيته ولو كان أمامنا إن هذا العجز عن فهم إمكان إعادة الوعي والرشد إلى الأمة وإمكان رؤية السبيل إليه لأننا وثقنا بعضلات الإنسان وأنكرنا عقله فنحن نعيش غيبة الفكر وسيطرة الجهل إلى درجة أننا لا نجد من يعترف بأن للعقل قدرة على مواجهة القوة وإلا فكيف يمكن لهذا العدد الضخم أن يستسلم للقوة بما فيهم من يمثل عقل الأمة وهم المثقفون بلغة هذا العصر أو المشرفون على الجامعة والجامع متى تصير لنا قدرة على أن نعترف نحن الذين نزعم أننا من أهل الفكر بأنه لا فكر لنا فكيف نحرر الإنسان من سيطرة الأقوياء أو كيف نخرج الإنسان من عبادة القوة إلى الاعتراف بأن عقل الإنسان هو القوة فإذا لم يستطع عقل الإنسان على أن يثبت ذاته فسوف يكون الصنم هو القائد لأن الفكرة غابت لهذا الأنبياء الذين راهنوا وآمنوا أن الإنسان قادر على هزيمة القوة وأن العقل يمكن أن يصنع الأمة الملة التي تخرج من عبادة القوة بدون لجوء إلى القوة الجسدية اليد والسلاح والقتل، فإن الكفاح النبوي الذي أطلق عليه كل المجتمعات المعاصرة للأنبياء أن الأنبياء سحرة ومجانين {كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به أم هم قوم طاغون} هذا القول الذي أطلقه كل المجتمعات على أنبيائهم من الجنون إلى الآن متوارث في كل المجتمعات أن الأنبياء مجانين وهذه المجتمعات سبب وصفهم للأنبياء بالجنون لأنهم قوم طاغون والطاغي والطاغية والطاغوت هو الذي لا يعترف بعقل الإنسان ويلغيه بالإكراه وأدوات الإكراه والأنبياء جميعاً كفروا بالطاغوت أي لم يعترفوا له بأنه حق وبأنه قوي فالإنسان أقوى منه وقادر على الإيمان بضعف الذي يلجأ إلى الإكراه وأن الحبل الذي يتعلق به واهن فمن كشف هذا الوهن للإكراه والقوة للإقناع فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، لهذا كل الذين يلجؤون إلى الإكراه لم يعرفوا الرشاد الذي هو العقل ولم يتعرفوا إلى أفضل استخدام للإنسان بل إلى أسوأ استخدام للإنسان فحين يتعلم الإنسان قدرته ورشده وتمييزه حين يتبين للإنسان الرشد من الغي يكون آمن بالله الذي كرم الإنسان بقدرته على تحدي الباطل المسلح ومواجهته بالفكر الأعزل المبين ويسحب الفكر الأعزل البساط من تحت أقدام الطغاة الذين لا يعرفون إلا إرهاب الإنسان وإكراهه ولكن الأنبياء وٍأتباعهم القادمون لا محالة إنهم سيكشفون هذه الحقيقة ويزيلون الوهم بأن الحق والباطل إذا أعطوا فرصاً متكافئة بأن الباطل سينتصر فهذا وهم وأس الضلال في العالم فهؤلاء يخافون من الباطل ولا قدرة لهم أن يستعيدوا القوة في المواجهة الفكرية فهؤلاء الذين يرهبون القوة إنهم ينسون أولا يتذكرون أن معنى الديمقراطية هو أن يؤمن جميع الفرقاء بعدم اللجوء إلى القوة في صنع السلطة وأن الديمقراطية لن تدخل إلى قوم يؤمنون بأن القوة يمكن أن تصنع الحكم فهل الديمقراطية كفر وجنون! ولكن الأنبياء راهنوا على هذا الكفر والجنون حيدوا العنف وجعلوا معركة الأفكار لا يجوز أن يدخل إليها استخدام القوة، متى سنفهم هذا إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً وقاب قوسين أو أدنى ويقولون متى قل عسى أن يكون قريباً.