الشك بين الوسائل والغايات
من Jawdat Said
إن مشكلة التعليم والإرشاد هي التي تُعوِزنا، فنحن لم نتبين بعد الرشد من الغي، ولم نعرف سبيل الرشاد من سبيل الغواية، وليس عندنا رشد ولا رشاد، فقدناهما من زمن بعيد، ويئسنا من إمكانية إعادتهما.
ليست المشكلة في الأهداف، ليس الشك في الغايات، الشك في الوسائل، نحن لا نشك في الأهداف، فإن كنت في شك منها فلا حرج، ولكن علينا ألا نخلط بين الذي مشكلته في الأهداف، والذي مشكلته في الوسائل.
إنني أتحدث إلى الذين يشكون في الوسائل، كيف نحرر فلسطين، كيف نوحد العرب، كيف نجعل العرب والمسلمين يثق بعضهم ببعض …
فإن كنت في شك من الأهداف، فنحن لا نبحث هذا الآن، ربما نعود إليه فيما بعد، نحن لا نحذفه مطلقاً، بل نضعه الآن جانباً.
علينا أن نبحث في الوسائل، في السُّبل الموصلة إلى الأهداف، وقد أبرز الله تعالى أهمية السبيل: (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) الأعراف: 7/146.
إن الخسارة هي الدليل على الخطأ في السبيل والوسيلة، فالموضوع موضوع ربح وخسارة، لا موضوع خبث وطيبة، إيمان وكفر.
إن التكذيب بطريق الرشد هو الخسارة: (فَلا تَكُونَنَّ مِنْ المُمْتَرِينَ، وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنْ الْخَاسِرِينَ) يونس: 10/94-95.
كن معي في معنى الخسارة الدنيوية، ولا تنس ما ذكرتك به آنفاً!!..
أنا هنا في الدنيا، وأريد أن افهم معنى الربح والخسارة، فلا تكن في مرية من أن ربح العرب والمسلمين في أن يتفقوا اتفاقاً مثيلاً لاتفاق الأوروبيين، من غير أن يخسر أحد شيئاً ويربح الجميع، من غير عنف ولا إكراه، بل بإيمان ويقين، لو بدأنا بهذا قطر لا قطران، وظل متمسكاً به، لوجد من يتعاون معه، وإذا وجدت جماعتان متعاونتان، فستنضم إليهما ثالثة، وهكذا …
ما أريد هو إلا نكون في مرية من الأهداف، فالنماذج موجودة، ولكن كيف ننقلها، وما هي العقبات الداخلية والخارجية التي تجعل نقلها صعباً؟
أنا جاهز لأبحث معك مشكلات الطريق، مشكلات سبيل الرشد وسبيل الغي، من أجل هذا أكتب، وسأسجل في وصيتي للشباب أن يكملوا ما بدأت به وأن يتقدموا به.
لماذا نعجز عن سلوك سبيل الاتحاد الأوربي؟ لماذا عجز الاتحاد السوفيتي عن التحول السلمي فتمزق؟ ماذا سيكون شأن الصين؟ كيف سيقبل العرب والمسلمون مثل هذا الاتفاق؟