الإعدام الجسدي والإعدام الفكري والجنون
من Jawdat Said
حينما يظهر العلم، فإنه يزيل العداوات، ويحوّل الأعداء إلى أولياء حميمين، وحين يظهر شيء من ذلك للصوفية يصابون بالشطح، وتخذلهم عباراتهم، فيحكم عليهم بالإعدام الجسدي.
ربما لم يعد العالَم يصدر حكم الإعدام على أجساد المفكرين، إلا أن حكم الإعدام الفكري لا زال يصدر عليهم، إلى درجة أن ميشيل فوكو حين ينكشف له شيء من قوانين التغيير في الإنسان، ويسميها غيرية أو براغماتية أو يذكر مصطلح الأنطولوجيا، فإنه خجول وحائر، ويشعر أنه ينبغي له أن يبذل جهداً أكبر في تسير فهم ما بدأ يلمحه، وتسهيل قبوله وجعله ميسور المنال من قبل الجميع، ولهذا نجده يقول: « إن هذه الغيرية لم يفطن إليها إلا بعض الأسماء اللامعة في تاريخ البشر »، وهو متردد في الكيفية التي يعرض بها هذا الموضوع، فيسميه في بعض الأحيان: تراجعاً وعودة إلى الأصل. حيث يرى في جذور الحفريات بعض عروق الجنون، أي بعض الأفكار المهمة، وإن كانت تخرج عن متناول العقل والعلم.