الأمم المتحدة والعشائرية
من Jawdat Said
وحتى في الأمم المتحدة، حيث يكثر الحديث والجعجعة والكلام عن العدالة والمساواة، فإنه عند التطبيق يكون الحكم عشائرياً، وما حق النقض (الفيتو) إلا حق عشائري، إنه حق القوي وليس حق العدل أو الإنسان، إذ لا يمكن أن يتلاقى حق النقض (الفيتو) مع حق الإنسان، ولو كانت حقوق الإنسان مرجعاً لألغت حق النقض (الفيتو).
ينبغي أنن يتحول هذا الموضوع إلى علم قابل للدراسة والتحليل، لمعرفة آلياته وكيفية تكونه وصناعته، وما لم تنتشر هذه الثقافة على أساس إمكان تحويل الناس إلى هذه العملية التغيرية، فإن عدم الوضوح وترسُّخ فكرة العشيرة الموغلة في القدم، سيبقينا في صراعات لا نهاية لها.
إن العشائر موجودة منذ مئات الآلاف من السنين، أما المجتمعات التي تضم عشائر عديدة فهي مجتمعات حديثة العهد، وأقدم المجتمعات البشرية لم يمض عليه أكثر من عشرة آلاف عام.
لقد كان التحول بطيئاً وتلقائياً، فدخول الإنسان إلى عهد الزراعة هو الذي مكنه من الاجتماع مع عدد أكبر من البشر، ومع الزراعة وجدت التجمعات البشرية الكبيرة على ضفاف الأنهار السهلة الاستغلال.
لا بد من معرفة ومتابعة كيف بدأ الخلق، خلق الولاءات وتوسعها، ومعرفة الحالة التي نعيش فيها، وكيف أننا نعيش في عهد ادعاء الإنسانية ولا يشعر المدعي بأي خجل من نفسه إذ ينتهك حقوق الإنسان، وإذ لا يؤدي واجباته.
إننا نعيش عصر دعوى الديمقراطية، وسلوك أبعد ما عرفه الناس عن الديمقراطية، بدون أدنى خجل أو وجل، وسلوك ما لم يكن ملوك العهود القديمة يتمكنون من سلوكه.
هناك قانون غير القانون المكتوب، وغير المنطوق، قانون يترسخ بالسلوك والممارسة، والأطفال يتشربون هذا القانون أو المفهوم العملي غير المتصل بالكلام الشفهي المنطوق، وغير المتصل بالكلام المكتوب المقروء، ونستطيع أن نراقب ذلك في حياة الناس منذ طفولتهم، وحتى يصيرون حاملين للثقافة المتداولة، وينبغي أن نفهم أن سلوك البشر صار قابلاً للدراسة، ولم يعد شيء منه خفياً، وحتى الأمور التي لا زالت خافية لم تعد معجزة، وما كشف حتى الآن يدل على أن ما بقي منه قابل للكشف.