«إصلاح ذات البين»: الفرق بين المراجعتين

من Jawdat Said

اذهب إلى: تصفح, ابحث
(جودت سعيد. مقالات ((مجلة المجلة)))
 
سطر ١: سطر ١:
 +
{{مقالات ذات صلة}}
 
==جودت سعيد. مقالات ((مجلة المجلة))==
 
==جودت سعيد. مقالات ((مجلة المجلة))==
  

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٧:١١، ٩ مارس ٢٠٠٩

مقالات ذات صلة
......................
انقر هنا لتحميل المقالات (Doc)

جودت سعيد. مقالات ((مجلة المجلة))

يذكر المفسرون عند تفسير قوله تعالى "فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم" حديثاً عن أنس (رض): قال: بينا رسول الله (ص) جالس إذا رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال عمر: ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي. فقال: رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة تبارك وتعالى، فقال أحدهما: يارب خذ لي مظلمتي من أخي، فقال الله تعالى: أعط أخاك مظلمته قال يارب لم يبق من حسناتي شيء. قال رب: فليحمل عني أوزاري قال ففاضت عينا رسول الله بالبكاء، ثم قال: إن ذلك ليوم عظيم، يوم يحتاج الناس إلى من يتحمل عنهم من أوزارهم. فقال الله تعالى للطالب: ارفع بصرك وانظر في الجنان، فرفع رأسه فقال يا رب أرى مدائن من فضة وقصوراً من ذهب مكللة باللؤلؤ! لأي نبي هذا!؟ لأي صديق هذا!؟ قال: هذا لمن يدفع ثمنه قال: رب ومن يملك ثمنه .قال: أنت تملك، قال ماذا يا رب؟ قال: تعفوا عن أخيك قال يا رب فإني قد عفوت عنه. قال الله تعالى: خذ بيد أخيك فادخلا الجنة. ثم قال رسول الله (ص): (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة).

هذا المشهد الأخروي الذي جاء بلغة دينية يمكن التعبير عنها بلغة اجتماعية واقتصادية، حيث أن كل الأعمال التي لها ثواب كبير في الآخرة لها جزاؤها الدنيوي الذي يماثلها، فهذا الذي يعبر عنه الله من العلاقة بين آيات الكتاب الذي يتحدث عنه في الآخرة من الثواب والعقاب.

والعلاقة بين آيات الآفاق والأنفس لأن ما في الكتاب الكريم والأحاديث النبوية من التبشير والإنذار الأخروي له ما يماثله من التبشير والإنذار الدنيوي لأن قوله تعالى (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) لهذا لما يأمرنا الله تعالى. بأن نسير في الأرض فننظر كيف كان عاقبة الذين من قبلنا لأن عواقب أوامره ونواهيه تتجلى في الدنيا في تاريخ الناس المشاهد وفي الآخرة، ولم يأمرنا بما لا يشهد له آيات الآفاق والأنفس في هذه الدنيا بأنه الحق وهذه الرؤية المادية الدنيوية والرؤية الأنفسية في هذه الدنيا والآن نرى في تسخير المادة مالم يكن امكان رؤيته فيما سبق من الزمان.

كما بدأنا نرى في عالم الأنفس من إمكانية حل المشاكل من دون إفساد في الأرض وسفك للدماء وإن هذا الموضوع شيء كبير ينبغي أن نبذل لإظهاره كل الجهود وهذا واجب العلماء علماء الآفاق وعلماء الأنفس وإن سبب انقطاع الوحي وختم النبوات يمكن أن يفهم من رؤية آيات الله المشاهدة المرئية في الآفاق والأنفس بشكل لا يستطيع عاقل أن يرفضه، على أن آيات الكتاب حق مبين لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنـزيل من حكيم حميد.

والآن حين ننظر الى واقعنا العربي العربي ومطالبة جميع الفرقاء بأخذ المظالم التي أوقعها بعضهم ببعض بمواجهة الخطأ بخطأ أكبر منه في تسلسل متصاعد مهلك للحرث والنسل للكبار والصغار، فإنه يمكن لعلماء الاقتصاد والاجتماع أن يبينوا الخسائر المادية الكبيرة التي خسرناها ولا نزال نخسرها وكذلك الآلام النفسية التي نعيشها من القلق والخوف والشعور بالهوان مما يعتصر قلوبنا مهما حاولنا أن نجد المبررات لمواقفنا المتشددة في الانتصاف من المظالم التي ارتكبناها بعضنا لبعض، إن هذه الخسائر من الأمراض النفسية التي نعانيها أكبر من الخسائر الاقتصادية الكبيرة حيث هذه الخسائر المادية جزء صغير من نتائج الأمراض النفسية والعقبات النفسية التي تمنعنا من أخذ المبادرة والمجازفة في طريق الإصلاح بدل المجازفة في مقابلة السيئة بالسيئة.

إن العلماء علماء آيات الآفاق والأنفس هم الذين يستطيعون الآن رفع أبصارنا لنرى المكاسب العظيمة التي لا يقدر أحد أن يتصور قيمتها وإمكان تحصيلها من التجارات الرابحة والمساكن الفارهة والتخلص من الأمراض المؤلمة والمميتة وتوفير الطيبات من الرزق عدا المشاعر النفسية المطمئنة الراضية المرضية التي هي أعظم من كل ما في الدنيا والآخرة من النعم حيث يقول الله: ورضوان من الله أكبر رضي الله عنهم ورضوا.

أنا لا أتوجه بهذا إلى الذين نرى أنهم هم سبب هذه المآسي التي نعيش فيها وإنما أتوجه إلى نفسي لإصلاح علاقتي مع الناس الذين نتعايش معهم من الأفراد العاديين من الخروج من التكبر في كيف نبدأ مع فلان من الناس بالزيارة أو بالسلام عليه؟ كيف نتدرب على العفو والمغفرة؟ وكيف نتدرب على كشف صدق قول رسول الله: يا أيها الناس اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن الله تعالى يصلح بين ذات المؤمنين يوم القيامة؟ كيف نتدرب على كشف حلاوة العفو واغتنام الفرصة الذهبية الآن قبل أن يفوت الأوان؟ ونكشف صدق قول الرسول (ص) في الدنيا قبل الآخرة حين يقول: وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا.

وكيف نكشف أبعاد دلالات آياته في الآفاق والأنفس حين يقول لنا رسول الله: إذا اختصم عبداه يعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام وخيرهما الذي يبدأ بالزيارة أين المتزاورون فيَّ وعزتي وجلالي لاظلنهم يوم لا ظل. إنك حين تخطوا الخطوات في طريقك إلى الزيارة والسلام تخطوا إلى عالم أعظم من مدائن الفضة والقصور من الذهب المكللة باللؤلؤ.

يا أخي يا عبد الله يا إنسان يا عربي أسمع (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) انظر الى تاريخ فرنسا وألمانيا إنني أتذكر يوم احتل الألمان باريس، والآن أرى كيف يغفر بعضهم لبعض إنهم يرون في ذلك العفو والغفران وعدم التشنج، ما يحصلون عليه من المكاسب المادية والنفسية هذا الذي يجعلهم ينسون الأيام المظلمة التي لم يكونوا يستطيعون أن ينظروا في وجوه بعض ولا أن يسمعوا أسماء بعض كيف سنتعلم بسرعة واستباق أن نرى آيات كتاب الله وأحاديث رسوله في آيات الآفاق والأنفس ليتواطأ السمع والبصر.

كيف نفهم كذلك الفهم السمعي البصري قول الرسول (ص)ينادي الله يوم القيامة ألا فليقم من كان أجره على الله: فلا يقوم إلا من عفا وأصلح؟ فإن شئتم فاقرؤوا قوله تعالى (فمن عفا وأصلح فأجره على الله).