هل السلطة هي المعرفة
من Jawdat Said
هل يمكن لنا الآن أن نحدد العلاقة بين السلطة والمعرفة؟ وإذا قلت: إن السلطة هي المعرفة، فهل أكون قد حددت العلاقة بين السلطة والمعرفة، وقررت أن المعرفة هي السلطة، وأن كلاهما منتوجان للعمل الذي يلد المعرفة والسلطة؟
إنك بعد ذلك، وفي ظاهر الحياة تستطيع أن تقول: عن السلطة منفصلة عن المعرفة، خاصة حين تنظر إلى الواقع فترى العلماء غير الأمراء، والعلماء والسلاطين ليسوا شيئاً واحداً، فمن أين حدث هذا الفصل؟ وهل لي الحق في أن أقول: المعرفة هي السلطة؟ وهل أنا مخطئ بهذا القول ومتجاهل للواقع الذي يفقأ العين؟
لا تعجل علي أيها الأخ القارئ، لعلي أتمكن من شرح هذه العلاقة أيضاً، فإذا تقبلت ما قمت به من شرح للعلاقة بين العلم والعمل، وللكيفية التي يتبادلان المواقع فيها، ويكون هذا أولاً من جانب، وذاك أولاً من جانب آخر، إذا فهمت ذلك واطمأننت إليه؛ فستتمكن،إن شاء الله، من فهم الإشكالية الثانية في العلاقة بين المعرفة والسلطة، ولكن أريد أن أطمئن إلى انك فهمت كيف يلد العملُ العلمَ، وكيف يرشِّد العلم بعد ذلك العمل، فالزراعة كانت تحدث تلقائياً في البداية، ولكن الإنسان راقب ما يحدث فكشف قانون الزراعة، وبعد أن علم كيفية الزراعة من الواقع؛ تدخل وقام بالزراعة وإنتاج الغذاء، وهكذا فإن الزراعة المجتمعية تحدث أمامنا، والأحداث الاجتماعية تنتج السلطة، وعلينا أن نراقب ما يحدث، ونستخرج قوانينه وسننه، وحين نستخرج قوانينه وسننه من الواقع نصير علماء، ونتمكن من إعادة الإنتاج، ونسيطر على الموضوع ونوجهه ونسخره، وعلى هذا الأساس سأتحدث عن المعرفة والسلطة.