نحو كتابة التاريخ الإنساني
من Jawdat Said
في مؤسسة الأمم المتحدة نجد مجلس الأمن الذي يتجلى فيه كل الكذب والدجل، ونجد (اليونسكو) التي يحدث فيها أشياء عظيمة من الصدق والصراحة ومحاولات الاقتراب إلى الرشاد ومساعدة الناس على ذلك، ومثال ذلك أنهم حين أنشؤوا منظمة اليونسكو وضعوا مشروعاً لكتابة كتاب في تاريخ الإنسانية، وكان ذلك عام (1946) وبدؤوا بتنفيذ المشروع عام (1950) وانهوا كتابته في عام (1969) ثم فكروا بإعادة كتابته مرّة أخرى بعد عشرين سنة، فصدر الجزء الأول منه عام (1994) باللغة الإنكليزية، وهم في طريقهم لترجمته إلى الفرنسية والإسبانية، وقد عرضتُ العدد الذي فيه هذا الخبر على الأستاذ محمد عدنان سالم، المدير العام لدار الفكر، فاستعاره مني وكان في نيته أن يترجم الكتاب إلى العربية، فشجعته على ذلك كثيراً.
إنني لم أطلع على الكتاب الأول، ولم أطلع كذلك على الكتاب الثاني، ولكنني أرغب جداً أن أطلع عليهما، وأنظر إلى ما فيهما، وإلى ما حدث من تقدم في فهم التاريخ في الكتاب الثاني، كي أدرك كم مرّة ينبغي أن تعاد كتابة التاريخ!
نعم ينبغي أن تعاد كتابة التاريخ ما دام الإنسان موجوداً والتاريخ موجوداً.
إن (ويلز) صاحب كتاب (معالم تاريخ الإنسانية) الذي كُتب في النصف الأول من القرن العشرين، كان يقول فيه: تمنيت أن أطلع على الكتاب الذي سيوضع بعد مئتي عام في الموضوع الذي كتبته، في معالم تاريخ الإنسانية، قال: أما إنه لو وقع في يدي لتصفحته بسرعة وأنا أنظر إلى الصور المنشورة فيه. يقول ذلك عن الكتاب الذي سيكتب بعده بمئتي عام، فكيف ستكون نظرة ابن خلدون إلى كتاب (دراسة في التاريخ) الذي كتبه (توينبي)؟!.
متى سيصدر باللغة العربية الكتاب الذي صدر باللغة الإنكليزية عام (1994)؟ ما مقدار الاهتمام والتنويه الذي سيناله هذا الكتاب، وكم عدد النسخ التي ستباع منه؟ متى سنبدأ، نحن المسلمين، بالمساهمة في كتابة التاريخ بالمستوى المعاصر؟ وهل يغني عن المسلمين أنهم يطلقون على بعض أبنائهم اسم (خلدون) ليُطلق على أحفادهم لقب (ابن خلدون)؟؟.