الخروج من لعبة القاهر والمقهور

من Jawdat Said

اذهب إلى: تصفح, ابحث
كتب جودت سعيد

كن كابن آدم


Kunkabkadm.cover.gif
انقر هنا لتحميل الكتاب
مقدمة وتمهيد
المقدمة
تمهيد
الفصول
الفصل الأول: السلطة والمعرفة
الفصل الثاني: الخوف من المعرفة
الفصل الثالث: قراءتان للقرآن
الفصل الرابع: الغيرية والجنون الأعظم
الفصل الخامس: الإنسان والتاريخ
الفصل السادس: في دلالات آية الوحدة الأوروبية
الفصل السابع: مذهب الرشد، مذهب ابن آدم والأنبياء


المسألة قريبة وبعيدة في آن، فلا يزال من الممكن فهم التاريخ على أنه لعين يتبع لعينا، وفساد يتبعه فساد اكبر، هذا الفهم للتاريخ هو اليأس وهو الكفر الناتج عن العجز عن رؤية هدف التاريخ وإرادة الله: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) يوسف: 12/21، (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداُ وَنَرَاهُ قَرِيباً) المعارج: 70/6-7، إننا نعرف سبب بعده، ونلمح سبب قربه أيضاً، وهذا الأمر ليس إعجازياً، بل هو تاريخ وتراكم للضحايا، ضحايا العجز عن التبصير والفهم، ولكن الله غالب على أمره، وسيتعلم الإنسان من الألم ومن الثمن الذي يدفعه في كل مرّة تستهويه لعبة القاهر والمقهور، المكرِه (بكسر الراء) والمكرَه (بفتح الراء).

والصعوبة الأولى تكمن في خوف القاهر من أن يعود مقهوراً، أما الثانية فهي في شهوة المقهور أن يصير قاهراً، وتبادل المواقع عبر التاريخ أعجز الناس عن رؤية حلٍّ ثالث يعافي الطرفين، ولهذا لابد من تأمل الصعوبتين تأملاً كبيراً، لأنهما خافيتان، وسرعان ما يتحول الشيء إلى ضده. فكيف نستطيع أن نخرج من هذه الثنائية الوثنية إلى التوحيد؟

هل يكون مجنوناً أو ساحراً من قام يدعو إلى هذا؟ ولطالما وصف الناس الأنبياء بالسحر والجنون، وأقصى ما وصل إليه من تأمَّلهم لا يتجاوز أن يكون وصفاً لهم بأنهم مثاليون، خياليون، غير واقعيين.

إن الأثمان التي تتطلبها الواقعية التي تتبع الأحلام والخيالات غالية وباهظة، وهذا ما فعله ابن آدم، فهل لدي من القدرة ما يمكّنني من إبراز أن ابن آدم الذي خرج من لعبة القاهر والمقهور؛ خرج من الثنائية الوثنية إلى التوحيد، هل يمكن لنا أن نسلط عليه بعض الأضواء لإخراجه من السحر والجنون والخسران؟ هل نستطيع أن نبطل السحر ونرفع الجنون ونظهر الخسارة التي تترتب على الوثنية والخضوع للعبة القاهر والمقهور؟ متى سيشعر القاهر والقاتل بالخسارة، ومتى سيندم ويتوب؟

لقد وصف الله ابن آدم القاتل بأنه قتل أخاه فأصبح من الخاسرين، وحين اكتشف جهله أصبح من النادمين، وغن ما ينزل من حيف على ابن آدم الذي خرج من الوثنية الثنائية، من لعبة القاهر والمقهور، سيكون سبباً قريباً لإظهار الخسارة، وسيترتب على ذلك الندم والخروج من الوثنية إلى التوحيد.

هل لي أن أطمع في كشف السحر، وفي جعل ما يراه الناس مستحيلاً؛ قريب التناول معقولاً؟

نعم إنني أطمع في ذلك، لأن العالم مندفع إليه، بل هو مدفوع رغماً عنه، لأنه طريق توحيد الاتجاه لا عودة عنه.

انظر ماذا حصل ويحصل للذين يريدون النكوص أو الخروج، وإن لم تكف الأثمان التي دفعت حتى الآن؛ فهل جهنم تقول: هل من مزيد؟ ولن يملّ الله حتى تملوا، ولن يغير حتى تغيروا.

لقد خرج ابن آدم من لعبة المكرِه والمكرَه، خرج من لعبة القاتل المستعلي، ومن لعبة المقتول الذي يظن أن حلّ المشكلة يتأتى بمقابلة القتل بإرادة القتل.

هل استطعت أن تقترب من فهم المشكلة، مشكلة أن القاتل والمقتول حينما يكونان من صنف واحد، وضمن لعبة واحدة هي لعبة القاهر والمقهور، فإن الأمر لا يتغير بإحلال أحدهما مكان الآخر.

هل لي أن اطمع في تجلية الموضوع؟ هل لي أن أضع المشكلة تحت المجهر؟ كيف يمكن أن يكون القاهر والمقهور ضمن لعبة واحدة ودين واحد ونظام واحد؟ يكونان كذلك حين يتبادلا المواقع فقط، ول يخرجان من قانون لعبة القاهر والمقهور، عندها يكونان من نوع واحد. ولكن هناك قانون آخر ولعبة أخرى، وتستطيع أن تخرج من لعبة القهر المتناوب، وهذا ما فعله ابن آدم والأنبياء جميعاً والآمرون بالقسط أيضاً، وكذلك لن تَحلَّ وتنزل الديمقراطية ديار قوم إلا إذا خرجوا من لعبة تبادل العنف، فتأمل، تأمل مثيراً، لعلي أخدع نفسي حين أظن أنني صرت قريباً من الحل، فالعالم شوّه ابن آدم، وشوه الأنبياء والآمرين بالقسط من الناس رغم أنهم خارج اللعبة لا داخلها، ولذلك لابد من الخروج من لعبة الرّب والعبد، ومن التألّه والتعبد للبشر.

إنني سعيد، لأنني أشعر أنني أمشي على بينة، وماذا يهمني إن غمي عليكم فلم تتمكنوا من رؤية ما أراه؟ لا بل يهمني، لأن طمعي صار في أن أقنع الآخر، ولم أعد اكتفي بان يفهمني ويفهم مذهبي، ثم إن شاء فليعتبرني مجنوناً كابن آدم القتيل، نعم صرت أبشّر بما علم الله في الإنسان من القدرة على ترك الفساد في الأرض والخروج من سفك الدماء.

هل لي من حرج إن أطلت في البحث والدرس واللف والدوران لكشف السحر الذي يُسيطر علينا؟ أليس جديراً بنا أن نبدئ ونعيد كي يبدأ ظهور ملامح الفكرة الجديدة القديمة؟

ليس لدينا نموذج قابل للفهم، ولو من قبل بعض الناس مهما قلّ عددهم، لكنني أطمع في إيصال هذا المفهوم إلى الناس، وصرت أراه قريباً.

اطلب ولا تضجر من مطلب فآفة الطالب أن يضجرا

أما ترى الحبل بتكراره في الصخرة الصماء قد أثرا

(وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنْهَارُ … وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) البقرة: 2/74.

أفتطمعون أن يؤمنوا لكم؟ نعم نطمع في ذلك، ونؤمن بان تغيير ما بالأنفس وظيفة بشرية، وبأننا نستطيع أن نغير إذا أخذنا بشروط التغيير، ولا يشترط أن يتم التغيير في هذه اللحظة.

حين كتبت مذهب ابن آدم الأول، سخط علي بعض أصدقائي الخلص، واعتبروه تثبيطاً لهمم المسلمين، ولكن بعد عشرين سنة جاءني أحد هؤلاء الأصدقاء واعترف لي قائلاً: كنت عارضتك قبل عشرين سنة، ولكنني الآن أشعر أنه ليس أمامنا من طريق غير هذا الطريق.

أليس من الواجب علينا أن نثبت ونبذل الجهد للبلاغ حتى يكون مبنياً؟ أليس الزمن هو الذي يكشف حقيقة الأفكار وقيمها؟

نعم إننا نؤمن، وعلينا أن نوضح إيماننا كي يتبين الرشد من الغي، ولنزيل الالتباس الذي حدث بين الرشد والغي، أليس من واجبنا أن نجتهد في إزالة الالتباس؟ نع، هيا نتابع السير، هيا نجتهد في البحث عن الطريق، هيا نبحث عما فقدناه خلال مسيرتنا في التاريخ. لم يفتِ الأوان بعد، هلم نُلق ضوءاً على بعض آيات القرآن، على الكيفية التي يتبين فيها الرشد من الغي.

الفصل الأول: السلطة والمعرفة الفصل الثاني: الخوف من المعرفة الفصل الثالث: قراءتان للقرآن
بدايات التفكير بـ (كن كابن آدم)ابن آدم ومشكلة الفسادأثر المناخ الثقافي في آلية التفكيرأمراض الجسد وأمراض الفكر والنفسبل أنتم بشرالمسلمون وعبر التاريخالإله وتصوراتنا عنهالواقع وما بالأنفسمرجعية العواقبالعدمية في الفلسفة الحديثةدراسة التاريخ في المدة الطويلةثم جعلنا الشمس عليه دليلاًالواقع والصور الذهنيةبناء الحياة الراشدةالخوف من المعرفةالخروج من لعبة القاهر والمقهورالقرآن و(لا إكراه في الدين)ميزان الزبد والنافعالقرآن ومبدأ التوحيدالتوحيد و(لا إكراه في الدين)ميزان العواقببين الرشد والغيالجهاد و(لا إكراه في الدين)عواقب التباس الرشد بالغيتعميم مبدأ اللاإكراهالعالم وعقيدة التشاؤم