الإسلام وإلغاء النصرة الجاهلية
من Jawdat Said
لقد جاء الأسلوب التربوي النبوي على صورة إشكالية لتحديد الولاء والمناصرة بأسلوب أعمق، فالرسول(ص) قال: « انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً » قالوا: هذا ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً؟ قال: « أن تكفه عن ظلمه».
فحين سمع الصحابة قوله (ص): « انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً »، شعروا بأنه مناقض لما جاء به الإسلام من النهي عن مناصرة الأخ دون التمييز بيم كونه ظالماً وكونه مظلوماً، ويسمى هذا الأسلوب الجاهلي في العصر الحالي بأسلوب القتل على الهوية أو اللهجة أو اللَّون، فأنكر الصحابة أو استشكلوا أن يصدر هذا الحكم من رسول الله، وسألوه عن ذلك، فصحح لهم الأمر وأكمله بأن نصرة الأخ الظالم تكون بكَفِّه عن ظلمه.
ولكن الجاهليين كانوا كما يصفهم شاعرهم قريظ بن أنيف:
قوم إذا الشرُّ أبدى ناجذيه لهم قاموا إليه زرافات ووحدانا
لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا
وكما يقول آخر:
ألا لا يجهلّنْ أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
كانوا يعدون هذا من مناقبهم، ويرون أن من ينتظر حتى يعرف سبب النزاع ليتخذ موقفاً منه، يكون قد ارتكب عملاً مشيناً، وخرج من قانون العشيرة، ومثل هذا أيضاً قضية الأخذ بالثأر، فلا يشترط أن يؤخذ الثأر من الشخص الذي ارتكب الذنب نفسه، بل من أي شخص من القبيلة يسد مسد المجرم.
هكذا كان قانون العشيرة، وهكذا بدأت القوانين المحلية، إلى أن صارت قوانين عالمية.